معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

قوله تعالى : { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } . أي أهنته ، وقيل : أهلكته ، وقيل : فضحته ، لقوله تعالى ( ولا تخزون في ضيفي ) فإن قيل : قد قال الله تعالى " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه " ، ومن أهل الإيمان من يدخل النار ، وقد قال ( إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) فكيف الجمع ؟ قيل : قال أنس وقتادة : معناه إنك من تخلده في النار فقد أخزيته ، وقال سعيد بن المسيب : هذه خاصة لمن لا يخرج منها ، فقد روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يدخل قوماً النار ثم يخرجون منها .

قوله تعالى : { وما للظالمين من أنصار } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

ويتضمن ذلك سؤال الجنة ، لأنهم إذا وقاهم الله عذاب النار حصلت لهم الجنة ، ولكن لما قام الخوف بقلوبهم ، دعوا الله بأهم الأمور عندهم ، { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } أي : لحصوله على السخط من الله ، ومن ملائكته ، وأوليائه ، ووقوع الفضيحة التي لا نجاة منها ، ولا منقذ منها ، ولهذا قال : { وما للظالمين من أنصار } ينقذونهم من عذابه ، وفيه دلالة على أنهم دخلوها بظلمهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ رَبّنَآ إِنّكَ مَن تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } .

اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ربنا إنك من تدخل النار من عبادك فتخلده فيها فقد أخزيته ، قال : ولا يخزي مؤمن مصيره إلى الجنة وإن عذّب بالنار بعض العذاب . ذكر من قال ذلك :

حدثني أبو حفص الجبيري ومحمد بن بشار ، قال : أخبرنا المؤمل ، أخبرنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس ، في قوله : { رَبّنا إنّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ } قال : من تُخلد .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن رجل ، عن ابن المسيب : { رَبّنا إنّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ } قال : هي خاصة لمن لا يخرج منها .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان عارم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا قبيصة بن مروان ، عن الأشعث الحملي ، قال : قلت للحسن : يا أبا سعيد أرأيت ما تذكر من الشفاعة حق هو ؟ قال : نعم حق . قال : قلت يا أبا سعيد أرأيت قول الله تعالى : { رَبّنا إنّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ } و{ يُريدُون أنْ يَخْرُجُوا مِنَ النّارِ ومَا هُمْ بَخارِجِينَ مِنْها } ؟ قال : فقال لي : إنك والله لا تستطيع على شيء ، إن للنار أهلاً لا يخرجون منها كما قال الله . قال : قلت يا أبا سعيد : فيمن دخلوا ثم خرجوا ؟ قال : كانوا أصابوا ذنوبا في الدنيا ، فأخذهم الله بها فأدخلهم بها ، ثم أخرجهم بما يعلم في قلوبهم من الإيمان والتصديق به .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : { إنّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ } قال : هو من يخلد فيها .

وقال آخرون : معنى ذلك : ربنا إنك من تدخل النار من مخلد فيها وغير مخلد فيها ، فقد أخزي بالعذاب . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا الحرث بن مسلم ، عن يحيى بن عمرو بن دينار ، قال : قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة ، فانتهيت إليه أنا وعطاء ، فقلت : { رَبّنا إنّكَ مَنْ تُدْخِلِ النّارَ فَقَدْ أخْزَيْتَهُ } ؟ قال : وما إخزاؤه حين أحرقه بالنار ! وإن دون ذلك لخزيا .

وأولى القولين بالصواب عندي قول جابر : إن من أدخل النار فقد أخزي بدخوله إياها ، وإن أخرج منها . وذلك أن الخزي إنما هو هتك ستر المخزي وفضيحته ، ومن عاقبه ربه في الاَخرة على ذنوبه ، فقد فضحه بعقابه إياه ، وذلك هو الخزي .

وأما قوله : { وَمَا للظّالِمِينَ مِنْ أنْصَارٍ } يقول : وما لمن خالف أمر الله فعصاه من ذي نصرة له ينصره من الله فيدفع عنه عقابه أو ينقذه من عذابه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

{ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } غاية الإخزاء ، وهو نظير قولهم : من أدرك مرعى الصمان فقد أدرك ، والمراد به تهويل المستعاذ منه تنبيها على شدة خوفهم وطلبهم الوقاية منه ، وفيه إشعار بأن العذاب الروحاني أفظع . { وما للظالمين من أنصار } أراد بهم المدخلين ، ووضع المظهر موضع المضمر للدلالة على أن ظلمهم سبب لإدخالهم النار وانقطاع النصرة عنهم في الخلاص منها ، ولا يلزم من نفي النصرة نفي الشفاعة لأن النصر دفع بقهر .