فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدۡخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدۡ أَخۡزَيۡتَهُۥۖ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ} (192)

{ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } مما نقل عن الزجاج : أخزى الله تعالى العدو أي أبعده ؛ وعن المفضل أهلكه ؛ وعن ابن الأنباري : الخزي في اللغة الهلاك بتلف أو بانقطاع حجة أو بوقوع في بلاء واحتج حكماء الإسلام بهذه الآية على أن العذاب الروحاني أقوى من العذاب الجسماني وذلك لأنه رتب فيها العذاب الروحاني وهو الإخزاء بناء على الإهانة والتخجيل على الجسماني الذي هو إدخال النار ، وجعل الثاني شرطا والأول جزاء والمراد من الجملة الشرطية الجزاء والشرط قيد له فيشعر أنه أقوى . . . ، الآية ليست عامة لقوله تعالى { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا . . }{[1269]} فتحمل على من أدخل النار للخلود وهم الكفار ، . . . ، وأيضا يحتمل أن يقال : الإخزاء مشترك بين التخجيل والإهلاك ، والمثبت هو الأول والمنفي هو الثاني . . . { وما للظالمين من أنصار } أي : ليس لكل منهم ناصر ينصره ويخلصه مما هو فيه . . . ، نفي الناصر لا يمنع نفي الشفيع لأن النصر دفع بقوة ، والشفاعة تخليص بخضوع وتضرع . . . ، وأجاب غير واحد- على تقدير عموم الظالم ، وعدم الفرق بين النصر والشفاعة- بأن الأدلة الدالة على الشفاعة- وهي أكثر من أن تحصى -مخصصة للعموم-{[1270]} .


[1269]:من سورة مريم الآية 71. ومن الآية 72.
[1270]:من روح المعاني.