قوله تعالى : { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } ، عن دين الله ، وذلك أن أكثر أهل الأرض كانوا على الضلالة ، وقيل : أراد أنهم جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في أكل الميتة ، وقالوا : أتأكلون ما تقتلون ، ولا تأكلون ما قتله الله عز وجل ؟ فقال : { وإن تطع أكثر من في الأرض } أي : وإن تطعهم في أكل الميتة يضلوك عن سبيل الله .
قوله تعالى : { إن يتبعون إلا الظن } ، يريد أن دينهم الذي هم عليه ظن وهوىً ، لم يأخذوه عن بصيرة .
{ 116 ، 117 } { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
يقول تعالى ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، محذرا عن طاعة أكثر الناس : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } فإن أكثرهم قد انحرفوا في أديانهم وأعمالهم ، وعلومهم . فأديانهم فاسدة ، وأعمالهم تبع لأهوائهم ، وعلومهم ليس فيها تحقيق ، ولا إيصال لسواء الطريق .
بل غايتهم أنهم يتبعون الظن ، الذي لا يغني من الحق شيئا ، ويتخرصون في القول على الله ما لا يعلمون ، ومن كان بهذه المثابة ، فحرى أن يحذِّر الله منه عبادَه ، ويصف لهم أحوالهم ؛ لأن هذا –وإن كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم- فإن أمته أسوة له في سائر الأحكام ، التي ليست من خصائصه .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرْضِ يُضِلّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تطع هؤلاء العادلين بالله الأنداد يا محمد فيما دعوك إليه من أكل ما ذبحوا لاَلهتهم ، وأهلّوا به لغير ربهم ، وأشكالهَم من أهل الزيغ والضلال ، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن دين الله ومحجة الحقّ والصواب فيصدّوك عن ذلك .
وإنما قال الله لنبيه : وَإنْ تُطِعْ أكْثَرَ مَنْ فِي الأرْض من بني آدم ، لأنهم كانوا حينئذٍ كفارا ضلالاً ، فقال له جلّ ثناؤه : لا تطعهم فيما دعوك إليه ، فإنك إن تطعهم ضللت ضلالهم وكنت مثلهم لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد أخطئوه .
ثم أخبر جلّ ثناؤه عن حال الذين نهى نبيه عن طاعتهم فيما دعوه إليه في أنفسهم ، فقال : إنْ يَتّبِعُونَ إلاّ الظّنّ فأخبر جلّ ثناؤه أنهم من أمرهم على ظنّ عند أنفسهم ، وحسبان على صحة عزم عليه وإن كان خطأ في الحقيقة .
{ وَإنْ هُمْ إلاّ يَخْرُصُونَ }يقول : ما هم إلا متخرّصون يظنون ويوقعون حزرا لا يقين علم ، يقال منه : خَرَصَ يَخْرُصُ خَرْصا وخِرْصا : أي كذب وتخرّص بظنّ وتخرّص بكذب ، وخرصتُ النخل أخْرُصُه ، وخَرِصتْ إبلك : أصابها البرد والجوع .
{ وإن تطع أكثر من في الأرض } أي أكثر الناس يريد الكفار ، أو الجهال أو اتباع الهوى . وقيل الأرض أرض مكة . { يضلوك عن سبيل الله } عن الطريق الموصل إليه ، فإن الضال في غالب الأمر لا يأمر إلا بما هو ضلال . { إن يتبعون إلا الظن } وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق ، أو جهالاتهم وآرائهم الفاسدة فإن الظن يطلق على ما يقابل العلم . { وإن هم إلا يخرصون } يكذبون على الله سبحانه وتعالى فيما ينسبون إليه كاتخاذ الولد وجعل عبادة الأوثان وصلة إليه ، وتحليل الميتة وتحريم البحائر ، أو يقدرون أنهم على شيء وحقيقته ما يقال عن ظن وتخمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.