الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

قوله تعالى : " وإن تطع أكثر من في الأرض " أي الكفار . " يضلوك عن سبيل الله " أي عن الطريق التي تؤدي إلى ثواب الله . " إن يتبعون إلا الظن " " إن " بمعنى ما ، وكذلك " وإن هم إلا يخرصون " أي يحدسون ويقدرون ، ومنه الخرص ، وأصله القطع . قال الشاعر :

ترى قِصَد المُرَّانِ فينا كأنه *** تَذَرُّعُ خِرصان بأيدي الشواطِبِ{[6668]}

يعني جريدا يقطع طولا ويتخذ منه الخرص . وهو جمع الخرص ، ومنه خرص يخرص النخل خرصا إذا حزره ليأخذ الخراج منه . فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به ؛ إذ لا يقين معه . وسيأتي لهذا مزيد بيان في " الذاريات{[6669]} " إن شاء الله تعالى .


[6668]:البيت لقيس بن الخطيم. والقصد (بكسر القاف وفتح الصاد جمع قصدة): القطعة مما يكسر. والمران: نبات الرماح. أو الرماح الصلبة اللدنة. والتذرع: تقدير الشيء بذراع اليد. والخرصان: القضبان من الجريد. والشواطب (جمع الشاطبة) وهي المرأة التي تقشر العسيب ثم تقليه إلى المنقية فأخذ كل ما عليه بسكينها حتى تتركه رقيقا ثم تقليه إلى الشاطبة ثانية فتشطبه على ذراعها وتتذرعه. وقوله: "فينا كأنه" عبارة الأصول. والذي في اللسان "تلقى كأنه" وفي ديوانه : "تهوى كأنها"
[6669]:راجع ج 17 ص 33.