لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

قوله عز وجل : { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } قال المفسرون إن المشركين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في أكل الميتة وذلك أنهم قالوا للمسلمين كيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلوا ما قتل ربكم ؟ فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإن تطع أكثر من في الأرض في أكل الميتة ، وكان الكفار يومئذ أكثر أهل الأرض يضلوك عن سبيل الله ، يعني يضلوك عن دين الله الذي شرعه لك وبعثك به وقيل معناه لا تطعهم في معتقداتهم الباطلة فإنك إن تطعهم يضلوك عن سبيل الله يعني يضلوك عن طريق الحق ومنهج الصدق ثم أخبر عن حال الكفار وما هم عليه فقال تعالى : { إن يتبعون إلا الظن } يعني أن هؤلاء الكفار الذين يجادلونك ما يتبعون في دينهم الذي هم عليه إلا الظن وليسوا على بصيرة وحق في دينهم وليسوا بقاطعين أنهم على حق لأنهم اتبعوا أهواءهم وتركوا التماس الصواب والحق واقتصروا على اتباع الظن والجهل { وإن هم إلا يخرصون } يعني يكذبون وأصل الخرص الحزر والتخمين ، ومنه خرص النخلة إذا حزر كمية ثمرتها على الظن من غير يقين ويسمى الكذب خرصاً لما يدخله من الظنون الكاذبة وقيل : إن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له خرص لأن قائله لم يقله عن علم ويقين .