معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)

قوله تعالى : { وما جعله الله } ، يعني : الإمداد بالملائكة .

قوله تعالى : { إلا بشرى } ، أي : بشارة .

قوله تعالى : { ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)

وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ أي : إنزال الملائكة إِلا بُشْرَى أي : لتستبشر بذلك نفوسكم ، وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وإلا فالنصر بيد اللّه ، ليس بكثرة عَدَدٍ ولا عُدَدٍ . . إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يغالبه مغالب ، بل هو القهار ، الذي يخذل من بلغوا من الكثرة وقوة العدد والآلات ما بلغوا . حَكِيمٌ حيث قدر الأمور بأسبابها ، ووضع الأشياء مواضعها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)

ثم بين - سبحانه - بعض مظاهر فضله عليهم ورحمته بهم في هذا الإِمداد فقال : { وَمَا جَعَلَهُ الله إِلاَّ بشرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ } فالآية الكريمة كلام مستأنف ساقه - سبحانه - لبيان عبض مضاهر فضله على المؤمنين ، ولبيان أن المؤثر الحقيق هو الله وحده حتى يزدادوا ثقه به ، وحتى لا يقنطوا من النصر عند قلة أسبابه .

أى : وما جعل الله - تعالى - هذا الإِمداد بالملائكة إلا بشارة لكم - أيها المؤمنون - بالنصر على أعدائكم في هذه الغزوة الحاسمة وقوله { بشرى } مفعول لأجله مستثنى عن أعم العلل .

وقوله : { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } معطوف عليه : أى : ولتسكن بهذا الإِمداد قلوبكم ، ويزول عنكم الخوف ، وتهاجموا أعداءكم بنفوس لا يداخلها الإِحجام أو التردد . . .

وقوله : { وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله } أى : ليس النصر بالملائكة أو غيرهم إلا كائن من عند الله وحده ، لأنه - سبحانه - هو الخالق لكل شئ ، والاقدر على كل شئ .

وإن الوسائل مهما عظمت ، والأسباب مهما كثرت ، ولا تؤدى إلى النتيجة المطلوبة والغاية المرجوة ، إلا إذا أيدتها إرادة الله وقدرته ورعايته .

وقوله : { إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أى : غالب لا يقهره شئ ، ولا ينازعه منازع حكيم في تدبيره وأفعاله .

فالجملة الكريمة بتذييل قصد به التعليل لما قبله ، وفيه إشعار بأن النصر الواقع على الوجه المذكور من مقتضيات حكمته البالغة - سبحانه - .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)

عطف على { أني مُمدكم بألفٍ من الملائكة مردَفين } [ الأنفال : 9 ] فالضمير المنصوب في قوله : { جَعله } عائِد إلى القول الذي تضمنه { فاستجاب لكم أني ممدكم } [ الأنفال : 9 ] أي ما جعل جوابكم بهذا الكلام إلاّ ليبشركم ، وإلاّ فقد كان يكفيكم أن يضمن لكم النصر دون أن يبين أنه بإمداد من الملائكة .

وفائِدة التبشير بإمداد الملائكة أن يوم بدر كان في أول يوم لقي فيه المسلمون عدواً قوياً وجيشاً عديداً ، فبشرهم الله بكيفية النصر الذي ضمنه لهم بأنه بجيش من الملائكة ، لأن النفوس أمْيل إلى المحسوسات ، فالنصر معنى من المعاني يدق إدراكه وسكون النفس لتصوره بخلاف الصور المحسوسة من تصوير مَدد الملائكة ورؤية أشكال بعضهم .

وتقدم القول في نظير هذه الآية في سورة آل عمران إلاّ لتعرض لما بين الآيتين من اختلاف في ترتيب النظم وذلك في ثلاثة أمور :

أحدها : أنه قال في آل عمران ( 126 ) : { إِلا بشرى لكم } وحُذف ( لكم ) هنا دفعاً لتكرير لفظه لسبق كلمة { لكم } قريباً في قوله : { فاستجاب لكم } [ الأنفال : 9 ] فعلم السامع أن البشرى لهم ، فأغنت { لكم } الأولى ، بلفظها ومعناها ، عن ذكر { لكم } مرة ثانية ، ولأن آية آل عمران سيقت مساق الامتنان والتذكير بنعمة النصر في حين القلة والضعف ، فكان تقييد { بشرى } بأنها لأجلهم زيادة في المنة أي : جعل الله ذلك بشرى لأجلكم كقوله تعالى : { ألم نشرح لكَ صدرك } [ الشرح : 1 ] وأما آية الآنفال فهي مسوقة مساق العتاب على كراهية الخروج إلى بدر في أول الأمر ، وعلى اختيار أن تكون الطائفة التي تلاقيهم غير ذات الشوكة ، فجرد { بشرى } عن أن يعلق به { لكم } إذ كانت البشرى للنبيء صلى الله عليه وسلم ومن لم يترددوا من المسلمين ، وقد تقدم ذلك في آل عمران .

ثانيها : تقديم المجرور هنا في قوله : { به قلوبكم } وهو يفيد الاختصاص ، فيكون المعنى : ولتطمئن به قلوبكم لا بغيره ، وفي هذا الاختصاص تعريض بما اعتراهم من الوجل من الطائفة ذات الشوكة وقناعتهم بغُنم العُروض التي كانت مع العِير ، فعُرض لهم بأنهم لم يتفهموا مراد الرسول صلى الله عليه وسلم حين استشارهم ، وأخبرهم بأن العير سلكتْ طريق الساحل فكان ذلك كافياً في أن يعلموا أن الطائفة الموعود بها تمحضت أنها طائفة النفير ، وكان الشأن أن يظنوا بوعد الله أكمل الأحوال ، فلما أراد الله تسكين روعهم ، وعَدهم بنصرة الملائكة علماً بأنه لا يُطْمئِنُ قُلوبهم إلاّ ذلك ، وجعل الفخرُ : التقديمَ هنا لمجرد الاهتمام بذلك الوعد ، وذلك من وجوه التقديم لكنه وجّه تأخيره في آل عمران بما هو غير مقبول .

ثالثها : أنه قال في سورة آل عمران ( 126 ) { العزيز الحكيم } فصاغ الصفتين العَلِيتَيْن في صيغة النعت ، وجعلهما في هذه الآية في صيغة الخبر المؤكد ، إذ قال : { إن الله عزيز حكيم } فنزّل المخاطبين منزلة مَن يتردد في أنه تعالى موصوف بهاتين الصفتين : وهما العزة ، المقتضية أنه إذا وعَد بالنصر لم يُعجزه شيء ، والحكمةُ ، فما يصدر من جانبه غوصُ الإفهام في تبيّن مقتضاءه ، فكيف لا يهتدون إلى أن الله لما وعدهم الظَفَر بإحدى الطائفتين وقد فاتتهم العير أن ذلك آيل إلى الوعد بالظفَر بالنفير .

وجملة : { إن الله عزيز حكيم } مستأنفة استينافاً ابتدائياً جعلت كالإخبار بما ليس بمعلوم لهم .