مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)

قوله تعالى : { وما جعله الله إلا بشرى } قال الفراء : الضمير عائد إلى الأرداف والتقدير : ما جعل الله الأرداف إلا بشرى . وقال الزجاج : ما جعل الله المردفين إلا بشرى ، وهذا أولى لأن الإمداد بالملائكة حصل بالبشرى . قال ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر في العريش قاعدا يدعو ، وكان أبو بكر قاعدا عن يمينه ليس معه غيره ، فخفق رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه نعسا ، ثم ضرب بيمينه على فخذ أبي بكر وقال : «أبشر بنصر الله ولقد رأيت في منامي جبريل يقدم الخيل » وهذا يدل على أنه لا غرض من إنزالهم إلا حصول هذه البشرى ، وذلك ينفي إقدامهم على القتال .

ثم قال تعالى : { وما النصر إلا من عند الله } والمقصود التنبيه على أن الملائكة وإن كانوا قد نزلوا في موافقة المؤمنين ، إلا أن الواجب على المؤمن أن لا يعتمد على ذلك بل يجب أن يكون اعتماده على إغاثة الله ونصره وهدايته وكفايته لأجل أن الله هو العزيز الغالب الذي لا يغلب ، والقاهر الذي لا يقهر ، والحكيم فيما ينزل من النصرة فيضعها في موضعها .