{ وَمَا جَعَلَهُ الله } كلامٌ مستأنفٌ سيق لبيان أن الأسبابَ الظاهرةَ بمعزل من التأثير وإنما التأثير مختصٌّ به عز وجل ليثق المؤمنون ولا يقنَطوا من النصر عند فُقدانِ أسبابِه ، والجعلُ متعدَ إلى مفعول واحد هو الضميرُ العائد إلى مصدر فعلٍ مقدرٍ يقتضيه المقامُ اقتضاءً ظاهراً مُغنياً عن التصريح به ، كأنه قيل : فأمدكم بهم وما جعل إمدادَكم بهم { إِلاَّ بشرى } وهو استثناءٌ مفرّغٌ من أعم العلل أي وما جعل إمدادَكم بإنزال الملائكة عياناً لشيء من الأشياء إلا للبشرى لكم بأنكم تنصرون { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ } أي بالإمداد { قُلُوبُكُمْ } وتسكنَ إليه نفوسُكم كما كانت السكينةُ لبني إسرائيلَ كذلك ، فكلاهما مفعولٌ له للجعل ، وقد نُصب الأولُ لاجتماع شرائطِه وبقي الثاني على حاله لفقدانها ، وقيل : للإشارة إلى أصالته في العِلّية وأهميتِه في نفسه كما قيل في قوله تعالى : { والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } وفي قصر الإمدادِ عليهما إشعارٌ بعدم مباشرةِ الملائكةِ للقتال وإنما كان إمدادُهم بتقوية قلوب المباشرين وتكثيرِ سوادِهم ونحوه كما هو رأيُ بعضِ السلف وقيل : الجعلُ متعد إلى اثنين ثانيهما إلا بشرى على أنه استثناءٌ من أعم المفاعيل ، أي وما جعله الله شيئاً من الأشياء إلا بشارةً لكم فاللام في ولتطمئن متعلقةٌ بمحذوف مؤخر تقديره ولتطمئن به قلوبُكم فعَلَ ذلك لا لشيء آخَرَ { وَمَا النصر } أي حقيقةُ النصر على الإطلاق { إِلاَّ مِنْ عِندِ الله } أي إلا كائنٌ من عنده عز وجل من غير أن يكون فيه شركةٌ من جهة الأسبابِ والعددِ ، وإنما هي مظاهرُ له بطريق جريانِ السنةِ الإلهية { أَنَّ الله عَزِيزٌ } لا يغالَب في حُكمه ولا يُنازَع في أقضيته { حَكِيمٌ } يفعل كلَّ ما يفعل حسبما تقتضيه الحِكمةُ والمصلحةُ ، والجملةُ تعليلٌ لما قبلها متضمنٌ للإشعار بأن النصرَ الواقعَ على الوجه المذكورِ من مقتَضَيات الحِكَم البالغةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.