الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ وَلِتَطۡمَئِنَّ بِهِۦ قُلُوبُكُمۡۚ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)

قوله تعالى : { وَمَا جَعَلَهُ } : الهاء تعود على الإِمداد أي : وما جعل اللهُ الإِمدادَ . ثم هذا الإِمدادُ يحتمل أن يكون المنسبكَ من قوله { أَنِّي مُمِدُّكُمْ }

[ الأنفال : 9 ] ، إذ المعنى : فاستجاب بإمدادكم . ويحتمل أن يكون مدلولاً عليه بقوله " مُمِدُّكم " كما دلَّ عليه فِعْلُه في قوله : { اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ }

[ المائدة : 8 ] . وهذا الثاني أَوْلى لأنه مُتَأَتٍّ على قراءة الفتح والكسر في " إني " بخلاف الأول فإنه لا يتجه عَوْدُه على الإِمداد على قراءة الكسر إلا بتأويلٍ ذكره الزمخشري وهو أنه مفعولُ القول المضمر فهو في معنى القول . وقيل يعود على المَدَد قاله الزجاج . قال الواحدي : " وهذا أَوْلَى لأنَّ بالإِمداد بالملائكة كانت البشرى " . وقال الفراء : " إنه يعودُ على الإِرداف المدلول عليه بمردفين " . وقيل : يعودُ على الألف . وقيل : على الوعد المدلول عليه ب { يَعِدُكُمُ } [ الأنفال : 7 ] . وقيل : على جبريل أو على الاستجابة ، لأنها مؤنث مجازي ، أو على الإِخبار بالإِمداد . وهي كلُّها محتملة وأرجحها الأولُ ، والجَعْل هنا تصييرٌ .