أنه يوسوس في صدور الناس ، فيحسن [ لهم ] الشر ، ويريهم إياه في صورة حسنة ، وينشط إرادتهم لفعله ، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه ، ويريهم إياه في صورة غير صورته ، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي : يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه .
فينبغي له أن [ يستعين و ] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم .
وأن الخلق كلهم ، داخلون تحت الربوبية والملك ، فكل دابة هو آخذ بناصيتها .
وبألوهيته التي خلقهم لأجلها ، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم ، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ، ويحول بينهم وبينها ، ويريد أن يجعلهم من حزبه ، ليكونوا من أصحاب السعير .
ووُصِفَ { الوسواس الخناس } ب { الذي يوسوس في صدور الناس } لتقريب تصوير الوسوسة كي يتقيها المرء إذا اعترته لخفائها ، وذلك بأن بُيِّنَ أنَّ مكان إلقاء الوسوسة هو صدور الناس وبواطنهم فعبّر بها عن الإِحساس النفسي كما قال تعالى : { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [ الحج : 46 ] وقال تعالى : { إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه } [ غافر : 56 ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم " الإثم ما حاك في الصدر وتردَّد في القلب " فغاية الوسواس من وسوسته بثّها في نفس المغرور والمشبوككِ في فخّه ، فوسوسة الشياطين اتصالاتُ جاذبيه النفوس نحو دَاعية الشياطين . وقد قرَّبها النبي صلى الله عليه وسلم في آثار كثيرة بأنواع من التقريب منها : « أنها كالخراطيم يمدها الشيطان إلى قلب الإِنسان » وشبهها مرة بالنفث ، ومرة بالإِبْسَاس . وفي الحديث : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما " .
وإطلاق فعل { يوسوس } على هذا العمل الشيطاني مجاز إذ ليس للشيطان كلام في باطن الإِنسان . وأما إطلاقه على تسويل الإِنسان لغيره عملَ السوء فهو حقيقة . وتعلّق المجرور من قوله : { في صدور الناس } بفعل { يوسوس } بالنسبة لوسوسة الشيطان تعلق حقيقي ، وأما بالنسبة لوسوسة الناس فهو مجاز عقلي لأن وسوسة الناس سبب لوقوع أثرها في الصدور فكان في كلِّ من فعل { يوسوس } ومتعلِّقه استعمال اللفظين في الحقيقة والمجاز .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.