معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

{ ذي المعارج } قال ابن عباس : أي ذي السماوات ، سماها { معارج } لأن الملائكة تعرج فيها . وقال سعيد بن جبير : ذي الدرجات . وقال قتادة : ذي الفواضل والنعم ، ومعارج : الملائكة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

فالعذاب لا بد أن يقع عليهم من الله ، فإما أن يعجل لهم في الدنيا ، وإما أن يؤخر عنهم إلى الآخرة{[1224]} ، فلو عرفوا الله تعالى ، وعرفوا عظمته ، وسعة سلطانه وكمال أسمائه وصفاته ، لما استعجلوا ولاستسلموا وتأدبوا ، ولهذا أخبر تعالى من عظمته ما يضاد أقوالهم القبيحة فقال : { ذِي الْمَعَارِجِ }


[1224]:- في ب: وإما أن يدخر لهم في الآخرة.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

ثم وصف - سبحانه - العذاب بصفات أخرى ، غير الوقوع فقال : { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِّنَ الله ذِي المعارج } واللام فى قوله { لِّلْكَافِرِينَ } بمعنى على . أو للتعليل .

أى : سأل سائل عن عذاب واقع على الكافرين ، هذا العذاب ليس له دافع يدفعه عنهم ، لأنه واقع من الله - تعالى - { ذِي المعارج } .

والمعارج جمع معرج ، وهو المصعد ، ومنه قوله - تعالى -

{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } وقد ذكر المفسرون فى المراد بالمعارج وجوها منها : أن المراد بها السموات ، فعن ابن عباس أنه قال أى : ذى السموات ، وسماها معارج لأن الملائكة يعرجون فيها .

ومنها : أن المراد بها : النعم والمنن . فعن قتادة أنه قال : ذى المعارج ، أى : ذى الفواضل والنعم . وذلك لأن لأياديه ووجوه إنعامه مراتب ، وهى تصل إلى الناس على مراتب مختلفة .

ومنها : أن المراد بها الدرجات التى يعطيها لأوليائه فى الجنة .

وفى وصفه - سبحانه - ذاته ب { ذِي الْمَعَارِجِ } : استحضار لصورة عظمة جلاله ، وإشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء .

فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هذا العذاب الواقع على الكافرين . بجملة من الصفات ، لتكون رداً فيه ما فيه من التهديد والوعيد للجاحدين ، الذى استهزأوا به وأنكروه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ليس له دافع ، من الله ذي المعارج ، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، فاصبر صبرا جميلا ، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ، يوم تكون السماء كالمهل ، وتكون الجبال كالعهن ، ولا يسأل حميم حميما ، يبصرونهم ، يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ، وصاحبته وأخيه ، وفصيلته التي تؤويه ، ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه . كلا ! إنها لظى ، نزاعة للشوى ، تدعو من أدبر وتولى ، وجمع فأوعى . .

كانت حقيقة الآخرة من الحقائق العسيرة الإدراك عند مشركي العرب ؛ ولقد لقيت منهم معارضة نفسية عميقة ، وكانوا يتلقونها بغاية العجب والدهش والاستغراب ؛ وينكرونها أشد الإنكار ، ويتحدون الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في صور شتى أن يأتيهم بهذا اليوم الموعود ، أو أن يقول لهم : متى يكون .

وفي رواية عن ابن عباس أن الذي سأل عن العذاب هو النضر بن الحارث . وفي رواية أخرى عنه : قال : ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع بهم .

وعلى أية حال فالسورة تحكي أن هناك سائلا سأل وقوع العذاب واستعجله . وتقرر أن هذا العذاب واقع فعلا ، لأنه كائن في تقدير الله من جهة ، ولأنه قريب الوقوع من جهة أخرى . وأن أحدا لا يمكنه دفعه ولا منعه . فالسؤال عنه واستعجاله - وهو واقع ليس له من دافع - يبدو تعاسة من السائل المستعجل ؛ فردا كان أو مجموعة !

وهذا العذاب للكافرين . . إطلاقا . . فيدخل فيه أولئك السائلون المستعجلون كما يدخل فيه كل كافر . وهو واقع من الله ( ذي المعارج ) . . وهو تعبير عن الرفعة والتعالي ، كما قال في السورة الأخرى : ( رفيع الدرجات ذو العرش ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

من الله من جهته لتعلق إرادته ذي المعارج ذي المصاعد وهي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب العمل الصالح أو يترقى فيها المؤمنون في سلوكهم أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو في السموات فإن الملائكة يعرجون فيها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

وقوله : { من الله } يتنازع تعلقه وصفا { واقع ودافع . } و { مِن } للابتداء المجازي على كلا التعلقين مع اختلاف العلاقة بحسب ما يقتضيه الوصف المتعلَّق به .

فابتداء الواقع استعارة لإذن الله بتسليط العذاب على الكافرين وهي استعارة شائعة تساوي الحقيقة . وأما ابتداء الدافع فاستعارة لتجاوزه مع المدفوع عنه من مكان مَجازي تتناوله قدرة القادر مثل { من } في قوله تعالى : { وظنوا أن لا ملجأ من الله إلاّ إليه } [ التوبة : 118 ] وقوله : { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله } [ النساء : 108 ] .

وبهذا يكون حرف { مِن } مستعملاً في تعيين مجازين متقاربين .

وإجراء وصف { ذي المعارج } على اسم الجلالة لاستحضار عظمة جلالة ولإِدماج الإِشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء قال تعالى : { لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون } [ الزخرف : 33 ] . ولكل درجة المعارج قوم عملوا لنوالها قال تعالى : { يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } [ المجادلة : 11 ] ، وليكون من هذا الوصف تخلص إلى ذكر يوم الجزاء الذي يكون فيه العذاب الحق للكافرين .

و { المعارج } : جمع مِعْرَج بكسر الميم وفتح الراء وهو ما يعرج به ، أي يصعد من سلم ومدرج .