اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

قوله : { مِّنَ الله } يجوز أن يتعلق ب «دَافِعٌ » بمعنى ليس له دافع من جهته ، إذا جاء وقته ، وأن يتعلق ب «واقع » ، وبه بدأ الزمخشري ، أي : واقع من عنده .

وقال أبو البقاء : ولم يمنع النفي من ذلك ؛ لأن «لَيْسَ » فعل .

كأنه استشعر أن ما قبل النفي لا يعمل فيما بعده .

وأجاب : بأنَّ النفي لما كان فعلاً ساغ ذلك .

قال أبو حيَّان{[57858]} : والأجود أن يكون «مِنَ اللَّهِ » متعلقاً ب «وَاقع » ، و { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } جملة اعتراض بين العامل ومعموله " . انتهى .

وهذا إنما يأتي على البدل ، بأنَّ الجملة مستأنفةٌ ، لا صفة ل «عذاب » ، وهو غير الظاهر كما تقدم لأخذ الكلام بعضه بحجزة بعض .

قوله : «ذي » صفة لله ، ومعنى : «ذِي المَعارِج » ، أي : ذي العلو والدرجات الفواضل والنعم ؛ لأنها تصل إلى الناس على مراتب مختلفة ، قاله ابن عباس وقتادة{[57859]} .

«فالمعارج » ، مراتبُ إنعامه على الخلق .

وقيل : ذي العظمة والعلو .

وقال مجاهدٌ : هي معارج السماءِ{[57860]} .

وقيل : هي السماوات .

قال ابن عباس : أي : ذي السماوات ، سمَّاها معارج الملائكةِ ، لأن الملائكةَ تعرج إلى السماءِ ، فوصف نفسه بذلك{[57861]} .

وقيل : «المعارج » الغرف ، أي : أنه ذو الغرف ، أي : جعل لأوليائه في الجنة غرفاً .

وقرأ عبد الله{[57862]} : «ذِي المعاريج » بالياء .

يقال : معرج ، ومعراج ، ومعارج ، ومعاريج مثل مفتاح ومفاتيح .

والمعارج : الدرجات ومنه : { وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ }[ الزخرف : 33 ] وتقدم الكلام على المعارج في «الزخرف » .


[57858]:ينظر البحر المحيط 8/333.
[57859]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/146) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
[57860]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/146) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ في "العظمة".
[57861]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (18/183).
[57862]:ينظر: القرطبي 18/183.