تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلۡمَعَارِجِ} (3)

الآية 3 وقوله تعالى : { من الله ذي المعارج } أي ذلك العذاب لهم من الله ذي المعارج كقوله تعالى : { ذو العرش المجيد } أي الذي له العرش .

واختلفوا في المعارج : قال بعضهم هي {[22008]}المصاعد ، وهي السماوات ، وسماهن مصاعد لأن بعضها أصعد من بعض وأرفع ، ولو قال : ذي المسافل كان مستقيما ، واقتضى[ قوله ما يقتضي ]{[22009]} { ذي المعارج } لأن بعضها إذا كان أصعد [ فإن ]{[22010]} الذي تحتها أهبط وأسفل . ولكن ذكر المصاعد لأن هذا أعلى في الوصف .

ثم في ذكر هذا عظم نعمه وإحسانه على خلقه حين {[22011]} خلق السماوات مسكنا لأهلها ، وخلق الأرض مسكنا حتى إذا عرفوا هذا عرفوا أن له أن يفضل بعضا على بعض ، وله أن يصطفي من يشاء من الناس للرسالة ، ويختص بها ، وذكرهم أيضا حكمته وعلمه وقدرته وسلطانه أنه حين {[22012]} وضع سماء [ على سماء ]{[22013]} وخلقهن طباقا من غير عمد تحتها ، تمسكها أو علائق من فوقها ، تربطها ، يبين{[22014]} أنه يمسكها بحكمته وقدرته وسلطانه ، فيكون في ذكر كل وجه في ما ذكرنا إزالة الشبهة التي اعترضت لهم في أمر البعث والرسالة ، وإيضاح بأن من قدر على ما ذكرنا قادر على الإعادة بعد الإفناء .

وقوله : { ذي المعارج } المعالي : أي الذي له العلو والرفعة كما قلنا في قوله { الحمد لله } أي لا أحد يستحق الحمد في الحقيقة ، وما حمد أحد إلا وذلك في الحقيقة لله تعالى لأنه به استفاده .

فعلى ذلك قولنا : له العلو والرفعة [ يحتمل وجهين :

أحدهما ]{[22015]} أي ليس أحد يستفيد العلو والكرامة إلا وحقيقة ذلك لله تعالى ، لأنه استفاده به .

والثاني : أي هو الموصوف بالعلو والجلال عما يقع عليه أوهام الخلق .


[22008]:في الأصل وم: هو.
[22009]:في الأصل وم: ما يقضي قوله.
[22010]:في الأصل وم، و.
[22011]:و 20 في الأصل وم: حيث.
[22012]:اقطة من الأصل وم: حيث
[22013]:من م، ساقطة من الأصل.
[22014]:في الأصل وم: فئتين.
[22015]:ساقطة من الأصل وم.