معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

{ وقد خلقكم أطواراً } تارات ، حالاً بعد حال ، نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى تمام الخلق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } أي : خلقا [ من ] بعد خلق ، في بطن الأم ، ثم في الرضاع ، ثم في سن الطفولية ، ثم التمييز ، ثم الشباب ، إلى آخر ما وصل إليه الخلق{[1240]} ، فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع ، متعين أن يفرد بالعبادة والتوحيد ، وفي ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على الإقرار بالمعاد ، وأن الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يعيدهم بعد موتهم .


[1240]:- في ب: ثم إلى آخر ما يصل إليه الخلق.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

وقوله - سبحانه - بعد ذلك حكاية عن نوح - عليه السلام - : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } : بيان لما سلكه نوح فى دعوته لقومه ، من جمعه بين الترغيب والترهيب .

فهو بعد أن أرشدهم إلى أن استغفارهم وطاعتهم لربهم ، تؤدى بهم إلى البسطة فى الرزق . . أتبع ذلك بزجرهم لسوء أدبهم مع الله - تعالى - منكرا عليهم استهتارهم واستخفافهم بما يدعوهم إليه .

وقوله : { مَّا لَكُمْ } مبتدأ وخبر ، وهو استفهام قصد به توبيخهم والتعجيب من حالهم .

ولفظ " ترجون " يرى بعضهم أنه بمعنى تعتقدون . والوقار معناه : التعظيم والإِجلال .

والأطوار : جمع طور ، وهو المرة والتارة من الأفعال والأزمان .

أى : ما الذى حدث لكم - أيها القوم - حتى صرتم لا تعتقدون لله - تعالى - عظمة أو إجلالا ، والحال أنه - سبحانه - هو الذى خلقكم وأوجدكم فى أطوار متعددة ، نطفة ، فعلقة ، فمضغة .

كما قال - سبحانه - { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } وكما قال - تعالى - { الله الذي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ العليم القدير } قال القرطبى ما ملخصه : قوله - تعالى - : { مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } قيل : الرجاء هنا بمعنى الخوف .

أى : مالكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أخذكم بالعقوبة .

وقيل : المعنى : ما لكم لا تعلمون لله عظمة . . أولا ترون لله عظمة . . أو لا تبالون أن لله عظمة .

. والوقار : العظمة ، والتوقير : التعظيم . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

ونمضي مع نوح في جهاده النبيل الطويل . فنجده يأخذ بقومه إلى آيات الله في أنفسهم وفي الكون من حولهم ، وهو يعجب من استهتارهم وسوء أدبهم مع الله ، وينكر عليهم ذلك الإستهتار :

( ما لكم لا ترجون لله وقارا ? وقد خلقكم أطوارا ? ) . .

والأطوار التي يخاطب بها قوم نوح في ذلك الزمان لا بد أن تكون أمرا يدركونه ، أو أن يكون أحد مدلولاتها مما يملك اولئك القوم في ذلك الزمان أن يدركوه ، ليرجو من وراء تذكيرهم به أن يكون له في نفوسهم وقع مؤثر ، يقودهم إلى الاستجابة . والذي عليه أكثر المفسرين أنها الأطوار الجنينية من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى الهيكل إلى الخلق الكامل . . وهذا يمكن أن يدركه القوم إذا ذكر لهم . لأن الأجنة التي تسقط قبل اكتمالها في الأرحام يمكن أن تعطيهم فكرة عن هذه الأطوار . وهذا أحد مدلولات هذه الآية . ويمكن أن يكون مدلولها ما يقوله علم الأجنة . من أن الجنين في أول أمره يشبه حيوان الخلية الواحدة ، ثم بعد فترة من الحمل يمثل الجنين شبه الحيوان المتعدد الخلايا . ثم يأخذ شكل حيوان مائي . ثم شكل حيوان ثديي . ثم شكل المخلوق الإنساني . . وهذا أبعد عن إدراك قوم نوح . فقد كشف هذا حديثا جدا . وقد يكون هذا هو مدلول قوله تعالى في موضع آخر بعد ذكر أطوار الجنين : ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . . كما أن هذا النص وذاك قد تكون لهما مدلولات أخرى لم تتكشف للعلم بعد . . ولا نقيدهما . .

وعلى أية حال فقد وجه نوح قومه إلى النظر في أنفسهم ، وأنكر عليهم أن يكون الله خلقهم أطوارا ، ثم هم بعد ذلك لا يستشعرون في أنفسهم توقيرا للجليل الذي خلقهم . . وهذا أعجب وأنكر ما يقع من مخلوق !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

وقد خلقككم أطوارا حال مقررة للإنكار من حيث إنها موجبة للرجاء فإنه خلقهم أطوارا أي تارات إذ خلقهم أولا عناصر ثم مركبات تغذي الإنسان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم أنشأهم خلقا آخر فإنه يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة أخرى فيعظمهم بالثواب وعلى أنه تعالى عظيم القدرة تام الحكمة .