السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

{ وقد } أي : والحال أنه قد أحسن إليكم مرّة بعد مرّة بما لا يقدر عليه غيره ، فدل ذلك على تمام قدرته ثم لم يقطع إحسانه عنكم ، فاستحق أن تؤمنوا به لأنه { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } [ الرحمن : 60 ] ورجاء لدوام إحسانه وخوفاً من قطعه لأنه { خلقكم } أي : أوجدكم من العدم مقدّرين { أطواراً } أي : تارات عناصر أولاً ثم مركبات تغذي الحيوانات ، ثم أخلاطاً ثم نطفاً ثم علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ولحوماً وأعصاباً ودماء ، ثم خلقاً آخر تاماً ناطقاً ذكراناً وإناثاً إلى غير ذلك من الأمور الدالة على قدرته على كل مقدور ، ومن قدر على هذا ابتداء كان على الإعادة أعظم قدرة .