معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

قوله تعالى : { وكان له } ، لصاحب البستان ، { ثمر } قرأ عاصم و أبو جعفر و يعقوب : { ثمر } بفتح الثاء والميم ، وكذلك : بثمره ، وقرأ أبو عمرو : بضم الثاء ساكنة الميم ، وقرأ الآخرون بضمهما . فمن قرأ بالفتح هو جمع ثمرة ، وهو ما تخرجه الشجرة من الثمار المأكولة . ومن قرأ بالضم فهي الأموال الكثيرة المثمرة من كل صنف ، جمع ثمار . قال مجاهد : ذهب وفضة . وقيل : جميع الثمرات . قال الأزهري : الثمرة تجمع على ثمر ، ويجمع الثمر على ثمار ، ثم تجمع الثمار على ثمر . { فقال } يعني صاحب البستان ، { لصاحبه } المؤمن { وهو يحاوره } ، يخاطبه ويجاوبه : { أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً } أي : عشيرة ورهطاً . وقال قتادة خدماً وحشماً . وقال مقاتل : ولداً ، تصديقه قوله تعالى : { إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً } [ الكهف – 39 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

{ 34-36 } { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا }

أي : فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن ، وهما يتحاوران ، أي : يتراجعان بينهما في بعض الماجريات المعتادة ، مفتخرا عليه : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } فخر بكثرة ماله ، وعزة أنصاره من عبيد ، وخدم ، وأقارب ، وهذا جهل منه ، وإلا فأي : افتخار بأمر خارجي ليس فيه فضيلة نفسية ، ولا صفة معنوية ، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني ، التي لا حقائق تحتها ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

ثم بين - سبحانه - أن صاحب هاتين الجنتين كانت له أموال أخرى غيرهما فقال : { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } .

قال الآلوسى ما ملخصه : " { وكان له } أى : للأحد المذكور وهو صاحب الجنتين { ثمر } أى أنواع من المال . . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائى . . { ثُمُر } بضم الثاء والميم ، وهو جمع ثمار - بكسر الثاء - . . أى : أموال كثيرة من الذهب والفضة والحيوان وغير ذلك ، وبذلك فسره ابن عباس وقتادة وغيرهما

وقوله - سبحانه - : { قَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } حكاية لما تفوه به هذا الكافر من ألفاظ تدل على غروره وبطره .

والمحاورة : المراجعة للكلام من جانبين أو أكثر . يقال : تحاور القوم ، إذا ترجعوا الكلام فيما بينهم . ويقال : كلمته فما أحار إلى جوابا ، أى : ما رد جوابا .

والنفر : من ينفر - بضم الفاء - مع الرجل من قومه وعشيرته لقتال عدوه .

أى : فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن الشاكر : أنا أكثر منك مالا وأعز منك عشيرة وحشما وأعوانا .

وهذا شأن المطموسين المغرورين ، تزيدهم شهوات الدنيا وزينتها . . بطرا وفسادا فى الأرض .

وما أصدق قول قتادة - رضى الله عنه - : " تلك - والله - أمنية الفاجر : كثرة المال وعزة النفر " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

وها هو ذا صاحب الجنتين تمتليء نفسه بهما ، ويزدهيه النظر إليهما ، فيحس بالزهو ، وينتفش كالديك ، ويختال كالطاووس ، ويتعالى على صاحبه الفقير : ( فقال لصاحبه - وهو يحاوره - أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

{ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } قيل : المراد به : المال . رُوي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . وقيل : الثمار وهو أظهر هاهنا ، ويؤيده القراءة الأخرى : " وكان له ثُمْر " بضم الثاء وتسكين الميم ، فيكون{[18174]} جمع ثَمَرَة ، كَخَشَبَة وخُشب ، وقرأ آخرون : { ثَمَرٌ } بفتح الثاء والميم .

فقال - أي صاحب هاتين [ الجنتين ]{[18175]} - { لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } أي : يجادله ويخاصمه ، يفتخر عليه ويترأس : { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا } أي : أكثر خدمًا وحشمًا وولدًا .

قال قتادة : تلك - والله - أمنية الفاجر : كثرة المال وعزة النفر .


[18174]:في ت: "فيك".
[18175]:زيادة من ف.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

{ وكان له ثمر } أنواع من المال سوى الجنتين من ثمر ماله إذا كثره . وقرأ عاصم بفتح الثاء والميم ، وأبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم والباقون بضمهما وكذلك في قوله { وأحيط بثمره } { فقال لصاحبه وهو يحاوره } يراجعه في الكلام من حار إذا رجع . { أنا أكثر منك مالا وأعزّ نفراً } حشما وأعوانا . وقيل أولادا ذكورا لأنهم الذين ينفرون معه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

«ثُمُر » و «بثُمُره » [ الكهف : 42 ] بضم الثاء والميم ، جمع ثمار وقرأ أبو عمرو والأعمش وأبو رجاء بسكون الميم فيهما تخفيفاً ، وهي في المعنى كالأولى ، ويتجه أن يكون جمع ثمرة كبدنة وبدن ، وقرأ عاصم «ثَمَر » وبثمره يفتح الميم والثاء فيهما ، وهي قراءة أبي جعفر والحسن وجابر بن زيد والحجاج ، واختلف المتأولون في «الثمُر » بضم الثاء والميم ، فقال ابن عباس وقتادة : «الثُّمُر » جميع المال من الذهب والفضة والحيوان وغير ذلك ، ويستشهد لهذا القول ببيت النابغة الذبياني : [ البسيط ]

وما أثمّر من مال ومن ولد{[7809]} . . . وقال مجاهد يراد بها الذهب والفضة خاصة ، وقال ابن زيد «الثمُر » هي الأصول التي فيها الثمر .

قال القاضي أبو محمد : كأنها ثمار وثمر ككتاب وكتب ، وأما من قرأ بفتح الثاء والميم ، فلا إشكال في أن المعنى ما في رؤوس الشجر من الأكل ، ولكن فصاحة الكلام تقتضي أن يعبر إيجازاً عن هلاك الثمر والأصول بهلاك الثمر فقط ، فخصصها بالذكر إذ هي مقصود المستغل ، وإذ هلاك الأصول إنما يسوء منه هلاك الثمر الذي كان يرجى في المستقبل كما يقتضي قوله إن له «ثمراً » ، إن له أصولاً كذلك تقتضي الإحاطة المطلقة بالثمر ، و الأصول قد هلكت ، وفي مصحف أبي «وآتيناه ثمراً كثيراً » وقرأ أبو رجاء «وكان له ثَمر » بفتح الثاء وسكون الميم ، والمحاورة مراجعة القول ، وهو من حار يحور . واستدل بعض الناس من قوله { وأعز نفراً } على أنه لم يكن أخاه ، وقال المناقض أراد ب «النفر » العبيد والخول ، إذ هم الذين ينفرون في رغائبه ، وفي هذا الكلام من الكبر والزهو والاغترار ما بيانه يغني عن القول فيه ، وهذه المقالة بإزاء قول عيينة والأقرع للنبي صلى الله عليه وسلم نحن سادات العرب وأهل الوبر والمدر ، فنح عنا سلمان وقرناءه .


[7809]:هذا عجز بيت قاله النابغة من قصيدته المعروفة التي مدح بها النعمان بن المنذر، واعتذر إليه مما بلغه عنه في أمر المتجردة، والبيت بتمامه مع بيت قبله: أنبئت أن أبا قابوس أوعدني ولا قرار على زأر من الأسد مهلا فداء لك الأقوام كلهـــم وما أثمر من مال ومن ولـــد وابن عطية يشير بهذا البيت إلى أن (الثمر) بضم الثاء والميم هو الذهب والفضة وغير ذلك؛ إذ أن النابغة سحب التثمير على المال والولد.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

جملة { وكان له ثمر } في موضع الحال من { لأحدهما } . والثمر بضم الثاء والميم : المال الكثير المختلف من النقدين والأنعَام والجنات والمزارع . وهو مأخوذ من ثُمر ماله بتشديد الميم بالبناء للنائب ، يقال : ثَمّر الله ماله إذا كَثُر . قال النابغة :

فلما رأى أن ثَمّر الله ماله *** وأثّل مَوْجُوداً وسَدَّ مفاقِرَه

مشتقاً من اسم الثمرة على سبيل المجاز أو الاستعارة لأن الأرباح وعفو المال يُشبهان ثمر الشجر . وشَاع هذا المجاز حتى صار حقيقة . قال النابغة :

مَهلا فداءٌ لك الأقوامُ كلّهُمُ *** ومَا أُثَمّر من مال ومِنْ وَلَد

وقرأ الجمهور { ثُمُر } بضم المثلثة وضم الميم . وقرأه أبو عمرو ويعقوب بضم المثلثة وسكون الميم . وقرأه عاصم بفتح المثلثة وفتح الميم .

فقالوا : إنه جمع ثِمار الذي هو جمع ثَمر ، مثل كُتب جمع كِتاب فيكون دالاً على أنواع كثيرة مما تنتجه المكاسب ، كما تقدم آنفاً في جمع أساور من قوله : { أساور من ذهب } [ الكهف : 31 ] . وعن النحاس بسنده إلى ثعلب عن الأعمش : أن الحجاح قال : لو سمعت أحداً يقرأ وكان له ثمر } ( أي بضم الثاء ) لقطعت لسانه . قال ثعلب : فقلت للأعمش : أنأخذ بذلك . قال : لا ولا نعمة عَين ، وكان يقرأ : ثُمُر ، أي بضمتين .

والمعنى : وكان لصاحب الجنتين مالٌ ، أي غير الجنتين . والفاء لتفريع جملة { قال } على الجُمل السابقة ، لأن ما تضمنته الجمل السابقة من شأنه أن ينشأ عنه غرور بالنفس يَنطق ربه عن مثل ذلك القول .

و ( الصاحب ) هنا بمعنى المقارن في الذكر حيث انتظمهما خبر المثَل ، أو أريد به الملابس المخاصم ، كما في قول الحجاج يخاطب الخوارج « ألستم أصحابي بالأهواز » .

والمراد بالصاحب هنا الرجل الآخر من الرجلين ، أي فقال : مَن ليس له جناتٌ في حوار بينهما . ولم يتعَلق الغرض بذكر مكان هذا القول ولا سببه لعدم الاحتياج إليه في الموعظة .

وجملة { وهو يحاوره } حال من ضمير { قال } .

والمحاورة : مراجعة الكلام بين متكلميْن .

وضمير الغيبة المنفصل عائد على ذي الجنتين . والضمير المنصوب في { يحاوره } عائد على صاحب ذي الجنتين ، وربُّ الجنتين يحاور صاحبَه . ودل فعل المحاورة على أن صاحبه قد وعظه في الإيمان والعمل الصالح ، فراجعه الكلام بالفخر عليه والتطاول شأن أهل الغَطْرسة والنقائص أن يعدلوا عن المجادلة بالتي هي أحسن إلى إظهار العظمة والكبرياء .

و { أعز } أشد عزة . والعزة : ضد الذل . وهي كثرة عدد عشيرة الرجل وشجاعته .

والنفَر : عَشيرة الرجل الذين ينفرون معه . وأراد بهم هنا ولده ، كما دل عليه مقابلته في جواب صاحبه بقوله : { إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً } [ الكهف : 40 ] .

وانتصب { نفراً } على تمييز نسبة { أعز إلى ضمير المتكلم .