النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

قوله عز وجل : { وكان له ثمرٌ } قرأ عاصم بفتح الثاء والميم ، وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم ، وقرأ الباقون ثُمُر بضم الثاء والميم . وفي اختلاف هاتين القراءتين بالضم والفتح قولان :

أحدهما : معناهما واحد ، فعلى هذا فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنه الذهب والفضة ، قاله قتادة ، لأنها أموال مثمرة .

الثاني :أنه المال الكثير من صنوف الأموال ، قاله ابن عباس لأن تثميره أكثر

الثالث : أنه الأصل الذي له نماء ، قاله ابن زيد ، لأن في النماء تثميراً .

والقول الثاني : أن معناهما بالضم وبالفتح مختلف ، فعلى هذا في الفرق . بينهما ، أربعة أوجه :

أحدها : أنه بالفتح جمع ثمرة ، وبالضم جمع ثمار .

الثاني : أنه بالفتح ثمار النخيل خاصة ، وبالضم جميع الأموال ، قاله ابن بحر .

الثالث : أنه بالفتح ما كان ثماره من أصله ، وبالضم ما كان ثماره من غيره .

الرابع : أن الثمر بالضم الأصل ، وبالفتح الفرع ، قاله ابن زيد .

وفي هذا الثمر المذكور قولان :

أحدهما : أنه ثمر الجنتين المتقدم ذكرهما ، وهو قول الجمهور .

الثاني : أنه ثمر ملكه من غير جنتيه ، وأصله كان لغيره كما يملك الناس ثماراً لا يملكون أصولها ، قاله ابن عباس ، ليجتمع في ملكه ثمار أمواله وثمار غير أمواله فيكون أعم مِلكا .

{ فقال لصاحبه } يعني لأخيه المسلم الذي صرف ماله في القُرب طلباً للثواب في الآخرة ، وصرف هذا الكافر ماله فيما استبقاه للدنيا والمكاثرة .

{ وهو يحاوره } أي يناظره ، وفيما يحاوره فيه وجهان :

أحدهما : في الإيمان والكفر .

الثاني : في طلب الدنيا وطلب الآخرة ، فجرى بينهما ما قصه الله تعالى من قولهما .