السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٞ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالٗا وَأَعَزُّ نَفَرٗا} (34)

الصفة الخامسة : قوله تعالى : { وكان له } ، أي : صاحب الجنتين { ثمر } ، أي : أنواع من المال سوى الجنتين قال ابن عباس : من ذهب وفضة وغير ذلك من أثمر ماله إذا كثر وعن مجاهد الذهب والفضة خاصة ، أي : كان مع الجنتين أشياء من الأموال ليكون متمكناً من العمار بالأعوان والآلات وجميع ما يريد وقرأ أبو عمرو وثمر هنا وثمره الآتي بسكون الميم فيهما بعد ضم الثاء المثلثة ، وقرأ عاصم بفتح المثلثة والميم فيهما والباقون بضم المثلثة والميم فيهما ذكر أهل اللغة أنّ الضم أنواع المال من الذهب والفضة وغيرهما وبالفتح حمل الشجر قال قطرب : وكان أبو عمرو بن العلاء يقول الثمر المال والولد وأنشد للحرث بن حلزة :

ولقد رأيت معاشراً *** قد أثمروا مالاً وولدا

وقال النابغة :

مهلاً فداء لك الأقوام كلهم *** وما أثمر من مال ومن ولد

{ فقال } ، أي : هذا الكافر { لصاحبه } ، أي : المسلم المجعول مثلاً للفقراء المؤمنين { وهو } ، أي : صاحب الجنتين { يحاوره } ، أي : يراجعه الكلام من حار يحور إذا رجع افتخاراً عليه وتقبيحاً لحاله بالنسبة إليه والمسلم يحاوره بالوعظ وتقبيح الركون إلى الدنيا { أنا أكثر منك مالاً } لما ترى من جناتي وثماري ، وقرأ نافع بمد الألف بعد النون والباقون بالقصر هذا في الوصل ، وأمّا في الوقف فبالألف للجميع ، وسكن قالون وأبو عمرو والكسائي هاء { وهو } وضمها الباقون ورقق ورش راء { يحاوره } { وأعز نفراً } ، أي : ناساً يقومون معي في المهمات وينفعون عند الضرورات لأنّ ذلك لازم لكثرة المال غالباً وترى أكثر الأغنياء من المسلمين وإن لم يطلقوا بمثل هذا ألسنتهم فإنّ ألسنة أحوالهم ناطقة به منادية عليه .