معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

قوله تعالى : { ألا تعلوا علي } قال ابن عباس : أي : لا تتكبروا علي . وقيل : لا تتعظموا ولا تترفعوا علي . معناه : لا تمتنعوا من الإجابة ، فإن ترك الإجابة من العلو والتكبر ، { وأتوني مسلمين } مؤمنين طائعين . قيل : هو من الإسلام ، وقيل : هو من الاستسلام .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

وقال مثبتا لكمال عقله ورزانته { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا } وسيأتي نصه { فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أي استأخر غير بعيد { فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } إليك وما يتراجعون به

فذهب به فألقاه عليها فقالت لقومها { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } أي جليل المقدار من أكبر ملوك الأرض

ثم بينت مضمونه فقالت { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } أي : لا تكونوا فوقي بل اخضعوا تحت سلطاني ، وانقادوا لأوامري وأقبلوا إلي مسلمين .

وهذا في غاية الوجازة مع البيان التام فإنه تضمن نهيهم عن العلو عليه ، والبقاء على حالهم التي هم عليها والانقياد لأمره والدخول تحت طاعته ، ومجيئهم إليه ودعوتهم إلى الإسلام ، وفيه استحباب ابتداء الكتب بالبسملة كاملة وتقديم الاسم في أول عنوان الكتاب ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

ثم أفصحت عن مصدره فقالت : { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } وعن مضمونه فقالت : { وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم } وفى ذلك إشارة إلى وصفه بالكرم ، حيث اشتمل على اسم الله - تعالى - وعلى بعض صفاته ، وعلى ترك التكبر ، وعلى الدخول فى الدين الحق ، كما يدل عليه قوله - تعالى - : { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } أى : ألا تتكبروا على كما يفعل الملوك الجبابرة { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } منقادين طائعين لشريعة الله - وحده ، التى توجب عليكم إخلاص العبادة له ، دون أحد سواه ، إذ هو - سبحانه - الخالق لكل شىء ، وكل معبود سواه فهو باطل .

فالكتاب - مع إيجازه - متضمن لفنون البلاغة . ولمظاهر القوة الحكيمة العادلة ، التى اتبعها سليمان فى رسالته إلى ملكة سبأ وقومها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

15

ويسدل الستار على هذا المشهد ليرفع فإذا الملكة وقد وصل إليها الكتاب ، وهي تستشير الملأ من قومها في هذا الأمر الخطير :

قالت : يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم . إنه من سليمان ، وإنه باسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين . .

فهي تخبرهم أنه ألقي إليها كتاب . ومن هذا نرجح أنها لم تعلم من ألقى إليها الكتاب ، ولا كيف ألقاه . ولو كانت تعرف أن الهدهد هو الذي جاء به - كما تقول التفاسير - لأعلنت هذه العجيبة التي لا تقع كل يوم . ولكنها قالت بصيغة المجهول . مما يجعلنا نرجح أنها لم تعلم كيف ألقي إليها ولا من ألقاه .

وهي تصف الكتاب بأنه( كريم ) . وهذا الوصف ربما خطر لها من خاتمه أو شكله . أو من محتوياته التي أعلنت عنها للملأ : إنه من سليمان ، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين . . وهي كانت لا تعبد الله . ولكن صيت سليمان كان ذائعا في هذه الرقعة ، ولغة الكتاب التي يحكيها القرآن فيها استعلاء وحزم وجزم . مما قد يوحي إليها بهذا الوصف الذي أعلنته .

وفحوى الكتاب في غاية البساطة والقوة فهو مبدوء باسم الله الرحمن الرحيم . ومطلوب فيه أمر واحد : ألا يستكبروا على مرسله ويستعصوا ، وأن يأتوا إليه مستسلمين لله الذي يخاطبهم باسمه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

وقوله أَلاّ تَعْلُوا عَليّ وأْتُونِي مُسْلِمِينَ يقول : ألقي إليّ كتاب كريم ألا تعلوا عليّ .

ففي «أنْ » وجهان من العربية : إن جعلت بدلاً من الكتاب كانت رفعا بما رفع به الكتاب بدلاً منه وإن جعل معنى الكلام : إنى ألقى إليّ كتاب كريم أن لا تعلو عليّ كانت نصبا بتعلق الكتاب بها .

وعنى بقوله : أَلاّ تَعْلُوا عَلَيّ : أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه . كما :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أَلاّ تَعْلُوا عَليّ : أن لا تتمنعوا من الذي دعوتكم إليه إن امتنعتم جاهدتكم . فقلت لابن زيد : أنْ لا تَعْلُوا عَليّ أن لا تتكبروا عليّ ؟ قال : نعم قال : وقال ابن زيد : أَلاّ تَعْلوا عَليّ وأْتُونِي مُسْلِمِينَ ذلك في كتاب سليمان إليها . وقوله : وأْتُونِي مُسْلِمِينَ يقول : وأقبلوا إليّ مذعنين لله بالوحدانية والطاعة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

{ ألا تعلو علي } أن مفسرة أو مصدرية فتكون بصلتها خبر محذوف أي هو أو المقصود أن لا تعلو أو بدل من { كتاب } . { وائتوني مسلمين } مؤمنين أو منقادين ، وهذا كلام في غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود ، لاشتماله على البسملة الدالة على ذات الصانع تعالى وصفاته صريحا أو التزاما ، والنهي عن الترفع الذي هو أم الرذائل والأمر بالإسلام الجامع لأمهات الفضائل ، وليس الأمر فيه بالانقياد قبل إقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فإن إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الدلالة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

و{ ألا تعلوا عليّ } يكون هو أول كتاب سليمان ، وأنها حكاية لكلام بلقيس . قال في « الكشف » يتبين أن قوله : { إنه من سليمان } بيان لعنوان الكتاب وأن قوله : { وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } إلخ بيان لمضمون الكتاب فلا يرد سؤال كيف قدم قوله : { إنه من سليمان } على { إنه بسم الله الرحمن الرحيم } . ولم تزل نفسي غير منثلجة لهذه الوجوه في هذه الآية ويخطر ببالي أن موقع ( أَنْ ) هذه استعمال خاص في افتتاح الكلام يعتمد عليه المتكلم في أول كلامه .

وأنها المخففة من الثقيلة . وقد رأيتُ في بعض خطب النبي صلى الله عليه وسلم الافتتاح ب ( أنْ ) في ثاني خُطبة خطبها بالمدينة في « سيرة ابن إسحاق » . وذكر السهيلي : أَنَّ الحمدُ ، مضبوط بضمة على تقدير ضمير الأمر والشأن . ولكن كلامه جرى على أن حرف ( إن ) مكسور الهمزة مشدد النون . ويظهر لي أن الهمزة مفتوحة وأنه استعمال ل ( أنْ ) المخففة من الثقيلة في افتتاح الأمور المهمة وأن منه قوله تعالى : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] .

و { ألا تعلوا عليّ } نهي مستعمل في التهديد ولذلك أتبعته ملكة سبأ بقولها : { يأيها الملأ أفتوني في أمري } [ النمل : 32 ] .