معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

قوله تعالى : { وكأين من قرية هي أشد قوةً من قريتك } أي : أشد قوة من أهل مكة . { التي أخرجتك } أي أخرجك أهلها ، قال ابن عباس : كم رجال هم أشد من أهل مكة ؟ يدل عليه قوله : { أهلكناهم } ولم يقل : أهلكناها ، { فلا ناصر لهم } قال ابن عباس : " لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : أنت أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك " فأنزل الله هذه الآية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

{ 13 } { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ }

أي : وكم من قرية من قرى المكذبين ، هي أشد قوة من قريتك ، في الأموال والأولاد والأعوان ، والأبنية والآلات .

{ أهلكناهم } حين كذبوا رسلنا ، ولم تفد فيهم المواعظ ، فلا نجد لهم{[785]}  ناصرا ، ولم تغن عنهم قوتهم من عذاب الله شيئا .

فكيف حال هؤلاء الضعفاء ، أهل قريتك ، إذ أخرجوك عن وطنك وكذبوك ، وعادوك ، وأنت أفضل المرسلين ، وخير الأولين والآخرين ؟ !

أليسوا بأحق من غيرهم بالإهلاك والعقوبة ، لولا أن الله تعالى بعث رسوله بالرحمة والتأني بكل كافر وجاحد ؟


[785]:- في ب فلا تجد لهم ناصرا.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

ثم سلى - سبحانه - نبيه عما أصابه منهم من أذى فقال : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ التي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } .

وكلمة { كَأَيِّن } مركبة من كاف التشبيه وأى الاستفهامية المنونة ، ثم هجر معنى جزأيها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية الدالة على التكثير ، ويكنى بها عن عدد مبهم فتحتاج إلى تميز بعدها . وهى مبتدأ . . وقوله : { أَهْلَكْنَاهُمْ } خبرها . و { مِّن قَرْيَةٍ } تمييز لها . والمراد بالقرية أهلها ، وهم مشركو قريش .

أى : وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك التى أخرجوك منها - أيها الرسول الكريم - فترتب على فعلهم هذا أن أهلكناهم دون أن ينصرهم من عقابنا ناصر ، أو أن يجيرهم من عذابنا مجير .

قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة ، فى تكذيبهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد المرسلين ، وخاتم النبيين .

روى ابن أبى حاتم ، بسنده - عن ابن عباس أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من مكة إلى الغار ، التفت إليها وقال : يا مكة : أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إلىَّ ، ولو أن المشركين لم يخرجونى لم أخرج منك . . فأنزل الله هذه الآية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

وتعترض سلسلة الموازنات بين الذين آمنوا والذين كفروا لفتة إلى القرية التي أخرجت الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وموازنة بينها وبين القرى الهالكة وكانت أشد قوة منها :

وكأي من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم . .

وهي آية يروى أنها نزلت في الطريق بين مكة والمدينة في أثناء رحلة الخروج والهجرة ، تسلية للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وتسرية عنه ؛ وتهوينا من شأن المشركين الجبارين الذين وقفوا في وجه الدعوة ، وآذوا أصحابها ، حتى هاجروا من أرضهم وأهلهم وأموالهم فرارا بعقيدتهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدّ قُوّةً مّن قَرْيَتِكَ الّتِيَ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } .

يقول تعالى ذكره : وكم يا محمد من قرية هي أشدّ قوّة من قريتك ، يقول أهلها أشدّ بأسا ، وأكثر جمعا ، وأعدّ عديدا من أهل قريتك ، وهي مكة ، وأخرج الخبر عن القرية ، والمراد به أهلها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وكأَيّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أشَدّ قُوّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الّتي أخْرَجَتْكَ أهْلَكْناهُمْ قال : هي مكة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة في قوله وكأَيّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أشَدّ قُوّةً مِنْ قَرْيَتِكَ قال : قريته مكة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن حبيش ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، لما خرج من مكة إلى الغار ، أراه قال : التفت إلى مكة ، فقال : «أنْتِ أحَبّ بِلادِ اللّهِ إلى اللّهِ ، وأنْتِ أحَبّ بِلادِ اللّهِ إليّ ، فَلَوْ أنّ المُشْركِينَ لَمْ يُخْرِجُوني لَمْ أخْرُجْ مِنْكِ ، فَأعْتَىَ الأعْداءِ مَنْ عَتا على اللّهِ في حَرَمِهِ ، أوْ قَتَلَ غيرَ قاتِلِهِ ، أوْ قَتَلَ بذُحُولِ الجاهِلِيّةِ » ، فأنزل الله تبارك وتعالى : وكأَيّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أشَدّ قُوّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الّتي أخْرَجَتْكَ أهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ وقال جلّ ثناؤه : أخرجتك ، فأخرج الخبر عن القرية ، فلذلك أنّث ، ثم قال : أهلكناهم ، لأن المعنى في قوله أخرجتك ، ما وصفت من أنه أريد به أهل القرية ، فأخرج الخبر مرّة على اللفظ ، ومرّة على المعنى .

وقوله : فَلا ناصِرَ لَهُمْ فيه وجهان من التأويل : أحدهما أن يكون معناه ، وإن كان قد نصب الناصر بالتبرئة ، فلم يكن لهم ناصر ، وذلك أن العرب قد تضمر كان أحيانا في مثل هذا . والاَخر أن يكون معناه : فلا ناصر لهم الاَن من عذاب الله ينصرهم .