الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

قوله : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } يريد أهلَ قريةٍ ، ولذلك راعى هذا المقدَّرَ في " أَهْلَكْناهم " { فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } بعد ما راعى المضافَ في قوله : " هي أشدُّ " والجملةُ مِنْ " هي أشدُّ " صفةٌ لقرية . وقال ابنُ عطية : " نَسَبَ الإِخراجَ للقرية ، حَمْلاً على اللفظِ ، وقال : " أهلكناهم " حَمْلاً على المعنى " . قال الشيخ : " وظاهرُ هذا الكلامِ لا يَصِحُّ ؛ لأن الضميرَ في " أهلكناهم " ليس عائداً على المضافِ إلى القرية التي أَسْنَدَ إليها الإِخراجَ ، بل على أهلِ القرية ، في قوله : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } [ فإنْ كان أرادَ بقولِه : " حَمْلاً على المعنى " أي : معنى القرية مِنْ قوله : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ } ] فهو صحيحٌ ، لكنَّ ظاهرَ/ قولِه : " حَمْلاً على اللفظِ " و " حَمْلاً على المعنى " أَنْ يكونَ في مدلولٍ واحدٍ ، وكان على هذا يَبْقى " كَأَيِّنْ " مُفْلَتاً غيرَ مُحَدَّثٍ عنه بشيء ، إلاَّ أَنْ يُتَخَيَّلَ أنَّ " هي أشدُّ " خبرٌ عنه ، والظاهرُ أنَّه صفةٌ ل قرية " . قلت : وابن عطيةَ إنما أراد لفظَ القريةِ مِنْ حيث الجملةُ لا من حيث التعيينُ .