الآية 13 وقوله تعالى : { وكأيّن من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } كأن سُنّة الله تعالى في الذين كانوا من قبل أنه إذا أخرج الرسل عليهم السلام من بين أظهرهم أهلكهم ، فيخبر أن أهل مكة قد استوجبوا العذاب ، إذ أُخرجت من بين أظهرهم ، كما استوجب أولئك الكفرة .
لكن الله بفضله ورحمته أخّر ذلك عنهم لأنه بعثك إليهم رحمة كقوله تعالى : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] أو أخّر عنهم لما وعد أنه خاتم الأنبياء عليهم السلام لتبقى شريعته ورسالته إلى يوم القيامة . ولو أهلكهم ، واستأصلهم على ما فعل بأولئك لانقطعت رسالته وشريعته ، وقد وعد أنها تبقى ، وأنه رحمة لهم ، وأنه لا يُخلف الميعاد .
ثم أخبر أن أولئك الكفرة أكثر أهلا وأشد قوة وبطشا من هؤلاء ، ثم لم يتهيأ لهم دفع ما نزل بهم بقوتهم في أنفسهم وبطشهم ، ولا كان لهم ناصر ينصرهم من عذاب الله ، ولا مانع يمنعهم عنه . فأنتم يا أهل مكة أولى أن تدفعوا عن أنفسكم العذاب إذا نزل بكم ، والله أعلم .
ثم قوله تعالى : { أخرجتك } أضاف الإخراج إلى قومه ، وهم لم يتولّوا إخراجه بأنفسهم ، بل اضطرّوه حتى خرج هو بنفسه ، لكنه أضاف الإخراج إليهم لأن سبب خروجه من بينهم كان منهم ، فكأن قد أخرجوه ، وهو كما ذكر من إخراج الشيطان آدم وحواء عليهما السلام من الجنة بقوله : { فأخرجهُما ممّا كانا } [ البقرة : 36 ] والشيطان لم يتولّ إخراجهما حقيقة . لكن لما كان منه من أشياء ؛ حملهما{[19422]} ذلك على الخروج ، فكأنه وُجد الإخراج منه .
وأصله أن الأشياء والأفعال ربّما تُنسب إلى أسبابها ، وإن لم [ يكن ]{[19423]} لتلك الأسباب حقيقة الأفعال ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فلا ناصر لهم } هو خبر من الله تعالى ، أي لا يكون لهم ناصر ، وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : لا يكون [ لهم ]{[19424]} ناصر في الآخرة .
والثاني : على إضمار ، أي لم يكن لهم ناصر وقت ما عُذّبوا في الدنيا ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.