اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

فصل

لما ضرب الله لهم مثلاً بقوله : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض } ، ولم ينفعهم مع ما تقدم من الدلائل ، ضرب للنبي صلى الله عليه وسلم مثلاً تسلية له فقال : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ التي أَخْرَجَتْكَ } أي أخرجك أهلها ، قال ابن عباس : كان رجالهم أشد من أهل مكة ، يدل عليه قوله : { أَهْلَكْنَاهُمْ } ولم يقل : «أهلكناها » فلا ناصر لهم كذلك يفعل{[51296]} بهم ، فاصبر كما صبر رسلهم .

وقوله : { فلا ناصر لهم } قال الزمخشري ( كيف ){[51297]} قال { فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } ( مع ){[51298]} أن الإهلاك ماضٍ وقوله : { فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } للحال والاستقبال محمول على الحكاية ، والحكاية كالحال الحاضر{[51299]} ، ويحتمل أن يقال : قوله : { فلا ناصر لهم } عائد على أهل قرية محمد عليه الصلاة والسلام كأنه قال : أهلكنا من تقدم من أهل دينك ولا ناصر لأهل قريتك ينصرهم ويُخلِّصهُمْ مِنْ مِثْلِ ما جرى على الأولين{[51300]} .

فصل

قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[51301]} : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغار التفت إلى مكة ، وقال : أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأحب بلاد الله إلَيَّ ، ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك . فأنزل الله هذه الآية{[51302]} .


[51296]:في (ب) نفعل. وانظر البحر 8/78.
[51297]:زيادة من الرازي يقتضيها السياق.
[51298]:زيادة من الرازي يقتضيها السياق.
[51299]:وهو بلفظ الرازي نقلا بالمعنى من الكشاف 3/533 وانظر الرازي 28/52.
[51300]:هذا رأي الإمام الرازي في مرجعه السابق.
[51301]:زيادة من (أ).
[51302]:القرطبي 16/235 والبحر 8/78.