معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} (99)

قوله تعالى : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ، أي الموت الموقن به ، وهذا معنى ما ذكر في سورة مريم : { وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا } .

أخبرنا المطهر بن علي الفارسي ، أنبأنا محمد بن إبراهيم الصالحي ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ ، حدثنا أمية بن محمد الصواف البصري ، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ، حدثنا أبي والهيثم بن خارجة قالا : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي مسلم الخولاني عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أوحي إلي أن أجمع المال وأكون من التاجرين ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين ، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " .

وروي عن عمر رضي الله عنه قال : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه أهاب كبش قد تنطق به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انظروا إلى هذا الذي قد نور الله قلبه لقد رأيته بين أبويه بغذيانه بأطيب الطعام والشراب ، ولقد رأيت عليه حلة شراها ، أو شريت له ، بمائتي درهم ، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترونه " . والله أعلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} (99)

{ 99 } { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }

{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } أي : الموت أي : استمر في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع العبادات ، فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، فلم يزل دائبا في العبادة ، حتى أتاه اليقين من ربه صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .

تم تفسير سورة الحجر

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} (99)

والمراد بالأمر بالعبادة في قوله تعالى { واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين } المداومة عليها وعدم التقصير فيها .

والمراد باليقين : الموت ، سمى بذلك لأنه أمر متيقن لحوقه بكل مخلوق .

أى : ودم - أيها الرسول الكريم - على عبادة ربك وطاعته ما دمت حيا ، حتى يأتيك الموت الذي لا مفر من مجيئه في الوقت الذي يريده الله - تعالى - .

ومما يدل على أن المراد باليقين هنا الموت قوله - تعالى - حكاية عن المجرمين : { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ المصلين وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المسكين وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخآئضين وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدين حتى أَتَانَا اليقين } أى : الموت .

ويدل على ذلك أيضًا ما رواه البخارى عن أم العلاء " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات ، قالت : قلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتى عليك لقد أكرمك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما يدريك أن الله قد أكرمه . . . أما هو فقد جاءه اليقين - أى الموت - وإنى لأرجو له الخير " " .

قال الإِمام ابن كثير : ويستدل بهذه الآية الكريمة ، على أن العبادة كالصلاة ونحوها ، واجبة على الإِنسان ما دام عقله ثابتًا ، فيصلى بحسب حاله ، كما ثبت في صحيح البخارى عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صل قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب " .

ويستدل بها أيضًا على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة ، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة ، سقط عنه التكليف عندهم . وهذا كفر وضلال وجهل . . . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} (99)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاعْبُدْ رَبّكَ حَتّىَ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : واعبد ربك حتى يأتيك الموت ، الذي هو مُوقَن به . وقيل : يقين ، وهو موقَن به ، كما قيل : خمر عتيق ، وهي معتّقَة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعد ، عن سفيان ، قال : ثني طارق بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله : واعْبُدْ رَبّكَ حتى يَأْتِيكَ اليَقِينُ قال : الموت .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، حميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني عباس بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : ابن جريج : أخبرني ابن كثير أنه سمع مجاهدا يقول : حتى يَأْتِيكَ اليَقِينُ قال : الموت .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيدُ ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : واعْبُدْ رَبّكَ حتى يَأْتِيكَ اليَقِينُ قال : يعني الموت .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : حتى يَأْتِيكَ اليَقِينُ قال : اليقين : الموت .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، في قوله : حتى يَأْتِيكَ اليَقِينُ قال : الموت .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن طارق ، عن سالم ، مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : واعْبُدْ رَبّكَ حتى يَأْتِيكَ اليَقِينُ قال : الموت إذا جاءه الموت جاءه تصديق ما قال الله له وحدّثه من أمر الاَخرة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب : أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره عن أمّ العلاء امرأة من الأنصار قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته أنهم اقتسموا المهاجرين قُرْعة ، قالت : وطار لنا عثمان بن مظعون ، فأنزلناه في أبياتنا ، فوَجع وجعه الذي مات فيه . فلما تُوفّي وغَسّل وكُفّن في أثوابه ، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا عثمان بن مظعون رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ومَا يُدْرِيكَ أنّ اللّهَ أكْرَمَهُ ؟ » قالت يا رسول الله فَمَهْ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمّا هُوَ فَقَدْ جاءَه اليَقِينُ ، وَوَاللّهِ إنّي لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ » .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا ابن شهاب ، عن خارجة بن زيد ، عن أمّ العلاء امرأة عن نسائهم ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه .

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل ، عن محمد بن شهاب ، أن خارجة بن زيد ، حدثه عن أمّ العلاء امرأة منهم ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، إلا أنه قال في حديثه : فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «أمّا هُوَ فَقَدْ عايَنَ اليَقِينَ » .