فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} (99)

{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ( 99 ) } .

ثم أمره بعبادة ربه فقال :

{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ } من عطف العام على الخاص أي دم على عبادته إلى غاية هي قوله : { حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } قال الواحدي : قال جماعة المفسرين يعني الموت لأنه موقن به متيقن الوقوع والنزول ، لا يشك فيه أحد .

وقال أبو حيان : أن اليقين من أسماء الموت وبنزوله يزول كل شك ، ووقت العبادة بالموت إعلاما بأنها ليست لها نهاية دون الموت ، فلا يرد ما قيل أي فائدة لهذا التوقيت مع أن كل أحد يعلم أنه إذا مات سقطت عنه العبادات .

وإيضاح الجواب أن المراد واعبد ربك في جميع زمان حياتك ولا تخل لحظة من لحظات الحياة من العبادة والله أعلم بمراده .

قال الزجاج : المعنى اعبد ربك أبدا لأنه لو قيل اعبد ربك بغير توقيت لجاز إذا عبد الإنسان مرة أن يكون مطيعا فإذا قال حتى يأتيك اليقين فقد أمره بالإقامة على العبادة أبدا ما دام حيا ، ومثله قوله تعالى في سورة مريم : { وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا } وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة .

أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم في التاريخ وابن مردويه والديلمي عن أبي مسلم الخولاني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما أوحي إلي أن اجمع المال وكن من التاجرين ، ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) وروي بطرق كثيرة .

---------------------