المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَٱعۡبُدۡ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأۡتِيَكَ ٱلۡيَقِينُ} (99)

و { اليقين } : الموت ، بذلك فسره هنا ابن عمر ومجاهد والحسن وابن زيد ، ومنه قول النبي عليه السلام عند موت عثمان بن مظعون : «أما هو فقد رأى اليقين »{[7235]} ، ويروى «فقد جاءه اليقين » . وليس { اليقين } من أسماء الموت ، وإنما العلم به يقين لا يمتري فيه عاقل ، فسماه هنا يقيناً تجوزاً ، أي يأتيك الأمر اليقين علمه ووقوعه وهذه الغاية معناها مدة حياتك ، ويحتمل أن يكون المعنى { حتى يأتيك اليقين } في النصر الذي وعدته{[7236]} .


[7235]:أخرجه البخاري في الجنائز، والتعبير، ومناقب الأنصار، والشهادات، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (6 ـ 436)، (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي) ـ ولفظه كما في المسند: عن أم العلاء الأنصارية، قالت: اشتكى عثمان بن مظعون عندنا فمرضناه، حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك يا أبا السائب، شهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك أن الله أكرمه؟ قالت: لا أدري، يأبي أنت وأمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري ـ وأنا رسول الله ـ ما يفعل بي . ـ قال يعقوب (الراوي): به ـ قالت: والله لا أزكي أحدا بعده أبدا، فأحزنني ذلك، فنمت فأريت لعثمان عينا تجري، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك عمله).
[7236]:قال بعض العلماء: حكمة التغيية باليقين وهو الموت أنه يقتضي ديمومة العبادة ما دام حيا، بخلاف الاقتصار على الأمر بالعبادة دون غاية.