معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

قوله تعالى : { هذا } . أي هذا القرآن .

قوله تعالى : { بيان للناس } . عامة .

و قوله تعالى : { هدى } . من الضلالة .

قوله تعالى : { وموعظة للمتقين } . خاصة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ هََذَا بَيَانٌ لّلنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لّلْمُتّقِينَ }

اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أشير إليه بهذا ، فقال بعضهم : عَنَى بقوله هذا : القرآن . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن سنان ، قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ، قال : ثنا : عباد ، عن الحسن في قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ للْمُتّقِينَ } قال : هذا القرآن .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة . قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ } وهو هذا القرآن جعله الله بيانا للناس عامة ، وهدى وموعظة للمتقين خصوصا .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال في قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ للْمُتّقِينَ } خاصة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج في قوله : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ للْمُتّقِينَ } خاصة .

وقال آخرون : إنما أشير بقوله هذا إلى قوله : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذّبِينَ } ثم قال : هذا الذي عرفتكم يا معشر أصحاب محمد بيان للناس . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق بذلك .

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : قوله هذا إشارة إلى ما تقدّم هذه الاَية من تذكير الله جلّ ثناؤه المؤمنين ، وتعريفهم حدوده ، وحضهم على لزوم طاعته ، والصبر على جهاد أعدائه وأعدائهم ، لأن قوله هذا إشارة إلى حاضر ، إما مرئي ، وإما مسموع ، وهو في هذا الموضع إلى حاضر مسموع من الاَيات المتقدمة . فمعنى الكلام : هذا الذي أوضحت لكم وعرّفتكموه ، بيان للناس¹ يعني بالبيان : الشرح والتفسير . كما

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ } أي هذا تفسير للناس إن قبلوه .

حدثنا أحمد بن حازم والمثنى ، قالا : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن بيان ، عن الشعبي : { هَذَا بَيانٌ للنّاسِ } قال : من العَمَى .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن الشعبي ، مثله .

وأما قوله : { وهُدًى وَمَوْعِظَةٌ } فإنه يعني بالهدى : الدلالة على سبيل الحقّ ومنهج الدين ، وبالموعظة : التذكرة للصواب والرشاد . كما :

حدثنا أحمد بن حازم والمثنى ، قالا : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن بيان ، عن الشعبي : { وَهُدًى } قال : من الضلالة ، { وَمَوْعِظَةٌ } من الجهل .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن بيان ، عن الشعبي مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { للْمُتّقِينَ } : أي لمن أطاعني وعرف أمري .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

وقوله تعالى : { هذا بيان للناس } قال الحسن : الإشارة إلى القرآن ، وقال قتادة في تفسير الآية : هو هذا القرآن جعله الله بياناً للناس عامة وهدى وموعظة للمتقين خاصة ، وقال بمثله ابن جريج والربيع .

قال القاضي : كونه بياناً للناس ظاهر ، وهو في ذاته أيضاً هدى منصوب وموعظة ، لكن من عمي بالكفر وضل وقسا قلبه لا يحسن أن يضاف إليه القرآن ، وتحسن إضافته إلى «المتقين » الذين فيهم نفع وإياهم هدى ، وقال ابن إسحاق والطبري وجماعة : الإشارة ب { هذا } إلى قوله تعالى : { قد خلت من قبلكم سنن } الآية ، قال ابن إسحاق : المعنى هذا تفسير للناس إن قبلوه ، قال الشعبي : المعنى ، هذا بيان للناس من العمى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

تذييل يعمّ المخاطبين الحاضرين ومن يجيء بعدهم من الأجيال ، والإشارة إمَّا إلى ما تقدّم بتأويل المذكور ، وإمَّا إلى حاضر في الذهن عند تلاوة الآية وهو القُرآن .

والبيانُ : الإيضاح وكشف الحقائق الواقعة . والهدى : الإرشاد إلى ما فيه خير النَّاس في الحال والاستقبال . والموعظة : التحذير والتخويف . فإن جعلت الإشارة إلى مضمون قوله : { قد خلت من قبلكم سنن } [ آل عمران : 137 ] الآية فإنَّها بيان لما غفلوا عنه من عدم التَّلازم بين النَّصر وحسن العاقبة ، ولا بين الهزيمة وسوء العاقبة ، وهي هدى لهم لينتزعوا المسببات من أسبابها ، فإن سبب النجاح حقاً هو الصلاح والاستقامة ، وهي موعظة لهم ليحذروا الفساد ولا يغترّوا كما اغترّت عاد إذ قالوا : « مَنْ أشَدّ مِنَّا قوّة » .