فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

( هذا بيان للناس ) ) : الإشارة إلى قوله ( قد خلت ) الخ ، وقال الحسن إلى القرآن ولا يخفى بعده . والبيان التبيين ، وقيل هو الدلالة التي تفيد إزالة الشبهة بعد ان كانت حاصلة . وتعريف الناس للعهد ، وهم المكذبون أو للجنس أي للمكذبين وغيرهم وفيه حث على النظر في سوء عاقبة المكذبين وما انتهى إليه أمرهم .

( و ) هذا النظر مع كونه بيانا فيه ( هدى وموعظة ) ، فعطف الهدى والموعظة على البيان يدل على التغاير ولو باعتبار المتعلق وبيانه ان اللام في الناس إن كانت للعهد فالبيان للمكذبين والهدى والموعظة للمؤمنين ، وإن كانت للجنس فالبيان لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم ، والهدى والوعظ ( للمتقين ) من المؤمنين وحدهم ، والهدى بيان طريق الرشد المأمور بسلوكه دون طريق الغي ، والموعظة هي الكلام الذي يفيد الزجر عما لا ينبغي في طريق الدين .

فالحاصل أن البيان جنس تحته نوعان : ( أحدهما ) الكلام الهادي إلى ما ينبغي في الدين ، وهو الهدى ، ( والثاني ) : الكلام الزاجر عما لا ينبغي في الدين ، وهو الموعظة ، وإنما خص المتقين بالهدى والموعظة ، لأنهم المنتفعون بهما دون غيرهم . قال سعيد بن جبير :أول ما نزل من آل عمران ، هذا بيان للناس ، ثم أنزل بقيتها من يوم أحد .