اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هَٰذَا بَيَانٞ لِّلنَّاسِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٞ لِّلۡمُتَّقِينَ} (138)

قوله تعالى : { هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ } أي : القرآن .

وقيل : ما تقدم من قوله : { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } .

وقيل : ما تقدم من أمره ونهيه ووعده ووعيده .

والموعظة : الوعظ وقد تقدم .

قوله : " للناس " يجوز أن يتعلقَ بالمصدر قبلَه ، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه وَصْف له .

قوله : { لِّلْمُتَّقِينَ } يجوز أن يكون وَصْفاً - أيضاً - ويجوز أن يتعلق بما قبله ، وهو محتمل لأن يكونَ من التنازع ، وهو على إعمال الثاني للمحذوف من الأول .

فصل

في الفرق بين الإبانة وبين الهُدَى ، وبين الموعظة ؛ لأن العطْفَ يقتضي المغايرة ، وذكروا فيه وجهين :

الأول : أن البيان هو الدلالة التي تزيل الشبهة ، والهُدَى بيان الطريق الرشيد ؛ ليُسْلَك دون طريق الغَيّ ، والموعظة هي الكلام الذي يُفِيد الزَّجْر عما لا ينبغي في الدين .

الثاني : أن البيانَ هو الدلالة ، وأما الهدى فهي الدلالة بشرط إفْضَائها إلى الاهتداء .

وخصَّ المتقين ؛ لأنهم المنتفعون به ، وتقدَّم الكلام في ذلك في قوله : " هدى للمتقين " .

وقيل : إن قوله { هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ } عَامّ ، ثم قوله : { وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } مخصوص بالمتقين ؛ لأن الهُدَى اسم للدلالة الموصِّلة إلى الاهتداء ، وهذا لا يحصُل إلا في حقِّ المتقين .