قوله تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً } أي : كما بعثنا فيكم ، { أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ، وهو كل معبود من دون الله ، { فمنهم من هدى الله } أي : هداه الله إلى دينه ، { ومنهم من حقت عليه الضلالة } أي : وجبت بالقضاء السابق حتى مات على كفره ، { فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } أي : مآل أمرهم ، وهو خراب منازلهم بالعذاب والهلاك .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطّاغُوتَ فَمِنْهُم مّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُمْ مّنْ حَقّتْ عَلَيْهِ الضّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذّبِينَ } .
يقول تعالى ذكره : ولقد بعثنا أيها الناس في كلّ أمة سلفت قبلكم رسولاً كما بعثنا فيكم بأن اعبدوا الله وحده لا شريك له وأفردوا له الطاعة وأخلصوا له العبادة ، وَاجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ يقول : وابعدوا من الشيطان ، واحذروا أن يغويكم ويصدّكم عن سبيل الله فتضلوا . فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللّهُ يقول : فممن بعثنا فيهم رسلنا من هدى الله ، فوفّقه لتصديق رسله والقبول منها والإيمان بالله والعمل بطاعته ، ففاز وأفلح ونجا من عذاب الله وَمِنْهُمْ مَنْ حَقّتْ عَلَيْهِ الضّلالَةُ يقول : وممن بعثنا رسلنا إليه من الأمم آخرون حقّت عليهم الضلالة ، فجاروا عن قصد السبيل ، فكفروا بالله وكذّبوا رسله واتبعوا الطاغوت ، فأهلكهم الله بعقابه وأنزل عليهم بأسه الذي لا يردّ عن القوم المجرمين . فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذّبِينَ يقول تعالى ذكره لمشركي قريش : إن كنتم أيها الناس غير مصدّقي رسولنا فيما يخبركم به عن هؤلاء الأمم الذين حلّ بهم ما حلّ من بأسنا بكفرهم بالله وتكذيبهم رسوله ، فسيروا في الأرض التي كانوا يسكنونها والبلاد التي كانوا يعمرونها فانظروا إلى آثار الله فيهم وآثار سخطه النازل بهم ، كيف أعقبهم تكذيبهم رسل الله ما أعقبهم ، فإنكم ترون حقيقة ذلك وتعلمون به صحة الخبر الذي يخبركم به محمد صلى الله عليه وسلم .
لما أشار قوله تعالى : { فهل على الرسل إلا البلاغ المبين } [ النحل : 35 ] إلى إقامة الحجة حسبما ذكرناه بين ذلك في هذه الآية ، أي إنه بعث الرسل آمراً بعبادته وتجنب عبادة غيره ، و { الطاغوت } في اللغة كل ما عُبد من دون الله من آدمي راض بذلك ، أو حجر أو خشب ، ثم أخبر أن منهم من اعتبر وهداه الله ونظر ببصيرته ، ومنهم أيضاً من أعرض وكفر { فحقت عليه الضلالة } ، وهي مؤدية إلى النار حتماً ، ومنه من أدته إلى عذاب الله في الدنيا ، ثم أحالهم في علم ذلك على الطلب في الأرض واستقراء الأمم والوقوف على عواقب الكافرين المكذبين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.