{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 36 ) }
ثم إنه سبحانه أكد هذا وزاده إيضاحا فقال :
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } كما بعثنا في هؤلاء لإقامة الحجة عليهم وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وأن في قوله { أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ } إما مصدرية أي بعثنا بأن اعبدوا الله وحده أو مفسرة لأن في البعث معنى القول والوجهان حكاهما السمين وغيره .
{ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } أي اتركوا كل معبود دون الله كالشيطان والكاهن والصنم ، وكل من دعا إلى الضلال وهو من الطغيان يذكر ويؤنث ، ويقع على الواحد كقوله يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به وعلى الجمع كقوله تعالى أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم ، والجمع طواغيت والتقدير واجتنبوا عبادتها فالكلام على حذف المضاف .
{ فَمِنْهُم } أي فمن هذه الأمم التي بعث الله إليها برسله { مَّنْ هَدَى اللّهُ } أي أرشده إلى دينه وتوحيده وعبادته واجتناب الطاغوت فآمن { وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ } أي وجبت وثبتت بالقضاء السابق في الأزل لإصراره على الكفر والعناد فلم يؤمن .
قال الزجاج : اعلم أنه بعث الرسل بالأمر بالعبادة وهو من وراء الضلال والهداية ، ومثل هذه الآية قوله تعالى : { فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة } .
وفي هذه الآية التصريح بأن الله أمر جميع عباده بعبادته واجتناب الشيطان وكل ما يدعو إلى الضلال ، وأنهم بعد ذلك فريقان فمنهم من هدى ومنهم من حقت عليه الضلالة فكان في ذلك دليل على أن أمر الله سبحانه لا يستلزم موافقة إرادته فإنه يأمر الكل بالإيمان ، ولا يريد الهداية إلا البعض إذ لو أرادها للكل لم يكفر أحد ، وهذا معنى ما حكيناه عن الزجاج هنا .
{ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ } سير المعتبرين المتفكرين لتعرفوا مآل من كذب الرسل وهو خراب منازلهم بالعذاب والهلاك وفي الفاء إشعار بوجوب المبادرة إلى النظر والاستدلال { فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ } رسلهم من الأمم السابقة عند مشاهدتكم لآثارهم كعاد وثمود أي كيف ما آخر أمرهم إلى خراب الديار بعد هلاك الأبدان بالعذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.