الآية 36 : وقوله تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا } يخبر رسوله أنك لست بأول مبعوث إلى أمتك ، ولكن قد بعث إلى كل أمة رسولا ، وهو كقوله : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } ( فاطر : 24 ) يصبره على ما يصيبه منهم من المكروه والأذى ، أي لست أنت بأول من يصيبه ذلك ، بل كان رسل{[10145]} قبلك أصابهم من أمتهم ما يصيبك من أمتك .
وقوله تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسول أن اعبدوا الله } هو على الإضمار ، كأنه قال : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا } وقلنا لهم : قولوا : { أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } على ذلك كان بعث الرسل جميعا إلى قومهم بالدعاء إلى توحيد الله وجعل العبادة له والنهي عن عبادة الأوثان دونه كقوله : { فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } ( الأعراف : 59 ) ويكون قوله : { واجتنبوا الطاغوت } كقوله { ما لكم من إله غيره } واحدا{[10146]} .
والطاغوت : قال بعضهم : كل من عبد دون الله فهو طاغوت . وقال الحسن : هو الشيطان ؛ أضيفت {[10147]} العبادة إليه بقوله : { يا أبت لا تعبد الشيطان } ( مريم : 44 ) لأن من يعبد دونه يعبد بأمره ، فأضيفت {[10148]} لذلك إليه ، وقد ذكرنا هذا أيضا في ما تقدم .
وقوله تعالى : { فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة } هذا يدل على أنه لم يرد بالهدى البيان على ما قال بعض الناس إن قد سبق منه البيان لكل أحد ، وما ذكر أيضا : { ومنهم من حقت عليه الضلالة } .
وهذا يرد على المعتزلة قوهم حين {[10149]} قالوا : الهدى والبيان من الله ، لكن الهدى منه في هذا الموضع ، ليس هو البيان ، هو ما يكرم به عبده ، ويوفقه لديه . وقوله : { فمنهم من هدى الله } لاختياره الهدى { ومنهم من حقت عليه الضلالة } أي ( لزمته الضلالة لاختياره إياها ) {[10150]} .
وقوله تعالى : { فسيروا في الأرض } قال الحسن : قوله : { فسيروا } ليس على الأمر ، ولكن كأنه قال : لو سرتم في الأرض لرأيتم { كيف كان عاقبة المكذبين } بالتكذيب .
وقال بعضهم : { فسيروا } كأنه على الحجاج عليهم : إن سرتم{[10151]} في الأرض فإنكم ترون آثار من كان قبلكم . ويشبه أن يكون ليس على السير نفسه ، ولكن على التأويل والنظر في آثار أولئك وأمورهم أنه بم نزل بهم ما نزل ؟ والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.