ثم إنه سبحانه أكد هذا ، وزاده إيضاحاً فقال : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } كما بعثنا في هؤلاء لإقامة الحجة عليهم { وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً } [ الإسراء : 15 ] و«أن » في قوله : { أَنِ اعبدوا الله } إما مصدرية أي : بعثنا بأن اعبدوا الله ، أو مفسرة ؛ لأن في البعث معنى القول : { واجتنبوا الطاغوت } أي : اتركوا كل معبود دون الله كالشيطان ، والكاهن ، والصنم ، وكل من دعا إلى الضلال . { فَمِنْهُمْ } أي : من هذه الأمم التي بعث الله إليها رسله { مَنْ هَدَى الله } أي : أرشده إلى دينه وتوحيده وعبادته واجتناب الطاغوت { وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة } أي : وجبت وثبتت ، لإصراره على الكفر والعناد . قال الزجاج : أعلم الله أنه بعث الرسل بالأمر بالعبادة ، وهو من وراء الإضلال والهداية . ومثل هذه الآية قوله تعالى : { فَرِيقًا هدى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضلالة } [ الأعراف : 30 ] . وفي هذه الآية التصريح بأن الله أمر جميع عباده بعبادته ، واجتناب الشيطان ، وكل ما يدعو إلى الضلال ، وأنهم بعد ذلك فريقان : فمنهم من هدى ، ومنهم من حقت عليه الضلالة ، فكان في ذلك دليل على أن أمر الله سبحانه لا يستلزم موافقة إرادته فإنه يأمر الكل بالإيمان ، ولا يريد الهداية إلاّ للبعض ، إذ لو أرادها للكل لم يكفر أحد ، وهذا معنى ما حكيناه عن الزجاج هنا . { فَسِيرُوا فِي الأرض } سير معتبرين { فانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين } من الأمم السابقة عند مشاهدتكم لآثارهم كعاد وثمود ، أي : كيف صار آخر أمرهم إلى خراب الديار بعد هلاك الأبدان بالعذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.