{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } فإنه يدلُّ على أنه - تعالى - كان أبداً في جميع الأمم ؛ آمراً بالإيمان ، وناهياً عن الكفر .
ثم قال : { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة } أي : فمنهم من هداه الله إلى الإيمان ، ومنهم من أضله عن الحق ، وأوقعه في الكفر ، وهذا يدلُّ على أنَّ أمر الله لا يوافق إرادته ؛ بل قد يأمر بالشيء ولا يريده ، وينهى عن الشيء ويريده ، وقد تقدم تأويلات المعتزلةِ ، وأجوبتهم مراراً .
والطاغوتُ : كل معبودٍ من دون الله ، وقيل : اجتنبوا الطَّاغوت : أي طاعة الشيطان .
قوله : { أَنِ اعبدوا الله } يجوز في " أنْ " أن تكون تفسيرية ؛ لأنَّ البعث يتضمن قولاً ، وأن تكون مصدرية ، أي : بعثناه بأن اعبدوا .
قوله : { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضلالة } يجوز في " مَنْ " الأولى أن تكون نكرة موصوفة ، والعائد على كلا التقديرين محذوف من الأول ، وقوله " حقَّتْ " يدل على صحة مذهب أهل السنةِ ؛ لأنَّه تعالى لمَّا أخبر عنه أنَّه حقت عليه الضلالة ، امتنع أن لا يصدر منه الضلالة ، وإلاَّ لانقلب خبر الله تعالى الصدق كذباً ، وهو محال ؛ ويؤيده قوله : { فَرِيقاً هدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضلالة } [ الأعراف : 30 ] ، وقوله : { إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 96 ] وقوله : { لَقَدْ حَقَّ القول على أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } [ يس : 7 ] ثم قال - عز وجل- : { فَسِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المكذبين } أي : مآل أمرهم ، وخراب منازلهم بالعذاب ، والهلاك ؛ فتعتبروا ، ثم أكد أنَّ من حقت عليه الضلالة ؛ فإنه لا يهتدي ؛ فقال تعالى : { إِن تَحْرِصْ على هُدَاهُمْ } أي : تطلب بجهدك ذلك ؛ { فَإِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.