معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِيهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (6)

قوله تعالى : { لقد كان لكم فيهم } أي في إبراهيم ومن معه ، { أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } هذا بدل من قوله لكم ، وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة ، { ومن يتول } يعرض عن الإيمان ويوال الكفار ، { فإن الله هو الغني } عن خلقه ، { الحميد } إلى أوليائه وأهل طاعته .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِيهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (6)

وقوله : { لَقَدْ كانَ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }يقول تعالى ذكره لقد كان لكم أيها المؤمنون قدوة حسنة في الذين ذكرهم إبراهيم والذين معه من الأنبياء صلوات الله عليهم والرسل ، { لِمَنْ كانَ يَرْجُو اللّهَ وَاليَوْمَ الاَخِرَ }يقول : لمن كان منكم يرجو لقاء الله ، وثواب الله ، والنجاة في اليوم الاَخر .

وقوله : { وَمَنْ يَتَوَلّ فإنّ اللّهَ هُوَ الغَنِيّ الْحَمِيدُ }يقول تعالى ذكره : ومن يتول عما أمره الله به وندبه إليه منكم ومن غيركم ، فأعرض عنه وأدبر مستكبرا ، ووالى أعداء الله ، وألقى أليهم بالمودّة ، فإن الله هو الغنيّ عن إيمانه به ، وطاعته إياه ، وعن جميع خلقه ، الحميد عند أهل المعرفة بأياديه ، وآلائه عندهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِيهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (6)

وقوله تعالى : { لقد كان لكم } الآية خطاب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وقوله : { لمن } بدل من قوله { لكم } وكرر حرف الجر ليتحقق البدل وذلك عرف هذه المبدلات ، ومنه قوله تعالى { للفقراء المهاجرين }{[11048]} [ الحشر : 8 ] وهو في القرآن كثير وأكثر ما يلزم من الحروف في اللام ، ثم أعلم تعالى باستغنائه عن العباد وأنه { الحميد } في ذاته وأفعاله لا ينقص ذلك كفر كافر ولا نفاق منافق . وروي أن هذه الآيات لما نزلت وأزمع المؤمنون امتثال أمرها وصرم حبال الكفرة وإظهار عداوتهم لحقهم تأسف على قراباتهم وهم من أن لم يؤمنوا ولم يهتدوا حتى يكون بينهم الود والتواصل فنزلت : { عسى الله } الآية مؤنسة في ذلك ومرجية أن يقع موقع ذلك بإسلامهم في الفتح وصار الجميع إخواناً ، ومن ذكر أن هذه المودة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وأنها كانت بعد الفتح ، فقد أخطأ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وقت هجرة الحبشة ، وهذه الآيات نزلت سنة ست من الهجرة ، ولا يصح ذلك عن ابن عباس إلا أن يسوقه مثالاً وإن كان متقدماً لهذه الآية ، لأنه استمر بعد الفتح كسائر ما نشأ من المودات ، و { عسى } من الله واجبة الوقوع إن شاء الله تعالى .


[11048]:من الآية (8) من سورة (الحشر)، وقوله سبحانه[للفقراء] بدل من قوله قبلها {والمساكين وابن السبيل}، وهما معطوفان على مجرور باللام.