معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (126)

قوله تعالى : { وما جعله الله } . يعني هذا الوعد والمدد .

قوله تعالى : { إلا بشرى لكم } . أي : بشارة لتستبشروا به .

قوله تعالى : { ولتطمئن } . ولتسكن .

قوله تعالى : { قلوبكم به } . فلا تجزعوا من كثرة عدوكم وقلة عددكم .

قوله تعالى : { وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم } . يعني لا تحيلوا بالنصر على الملائكة والجند فإن النصر من الله تعالى فاستعينوا به وتوكلوا عليه ، لأن العز والحكم له .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (126)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاّ بُشْرَىَ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النّصْرُ إِلاّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }

يعني تعالى ذكره : وما جعل الله وعده إياكم ما وعدكم من إمداده إياكم بالملائكة الذين ذكر عددهم إلا بشرى لكم ، يعني بشرى يبشركم بها ، { ولِتَطْمَئِنّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } يقول : وكي تطمئنّ بوعده الذي وعدكم من ذلك قلوبُكم ، فتسكن إليه ، ولا تجزع من كثرة عدد عدوّكم ، وقلة عددكم . { وَما النّصْرُ إلاّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ } : يعني وما ظفركم إن ظفرتم بعدوّكم إلا بعون الله ، لا من قبل المدد الذي يأتيكم من الملائكة ، يقول : فعلى الله فتوكلوا ، وبه فاستعينوا ، لا بالجموع وكثرة العدد ، فإن نصركم إن كان إنما يكون بالله وبعونه ومعكم من ملائكته خمسة آلاف ، فإنه إلى أن يكون ذلك بعون الله وبتقويته إياكم على عدوّكم ، وإن كان معكم من البشر جموع كثيرة أخرى ، فاتقوا الله واصبروا على جهاده عدوّكم ، فإن الله ناصركم عليهم . كما :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { وما جَعَلَهُ اللّهُ إلاّ بُشْرَى لَكُمْ } يقول : إنما جعلهم ليستبشروا بهم ، وليطمئنوا إليهم ، ولم يقاتلوا معهم يومئذٍ ، يعني يوم أُحد . قال مجاهد : ولم يقاتلوا معهم يومئذٍ ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَما جَعَلَهُ اللّهُ إلاّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } لما أعرف من ضعفكم ، وما النصر إلا من عندي بسلطاني وقدرتي ، وذلك أني أعرف الحكمة التي لا إلى أحد من خلقي .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : { وَما النّصْرُ إلاّ مِنْ عِنْدِ اللّهِ } لو شاء أن ينصركم بغير الملائكة فعل العزيز الحكيم .

وأما معنى قوله : { العَزِيزِ الحَكِيم } فإنه جلّ ثناؤه يعني : العزيز في انتقامه من أهل الكفر بأيدي أوليائه من أهل طاعته ، الحكيم في تدبيره لكم أيها المؤمنون على أعدائكم من أهل الكفر ، وغير ذلك من أموره . يقول : فأبشروا أيها المؤمنون بتدبيري لكم على أعدائكم ، ونصري إياكم عليهم إن أنتم أطعتموني فيما أمرتكم به وصبرتم لجهاد عدوّي وعدوّكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (126)

{ وما جعله الله } وما جعل إمدادكم بالملائكة . { إلا بشرى لكم } إلا بشارة لكم بالنصر . { ولتطمئن قلوبكم به } ولتسكن إليه من الخوف . { وما النصر إلا من عند الله } لا من العدة والعدد ، وهو تنبيه على أنه لا حاجة في نصرهم إلى مدد وإنما أمدهم ووعد لهم به إشارة لهم وربطا على قلوبهم ، من حيث إن نظر العامة إلى الأسباب أكثر وحثا على أن لا يبالوا بمن تأخر عنهم . { العزيز } الذي لا يغالب في أقضيته . { الحكيم } الذي ينصر ويخذل بوسط وبغير وسط على مقتضى الحكمة والمصلحة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلَّا بُشۡرَىٰ لَكُمۡ وَلِتَطۡمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِۦۗ وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (126)

الضمير في { جعله الله } عائد على الإنزال والإمداد ، و «البشرى » مصدر واللام في { ولتطمئن } متعلقة بفعل مضمر يدل عليه جعله ، ومعنى الآية : وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به وتطمئن به قلوبكم وتروا حفاية الله بكم ، وإلا فالكثرة لا تغني شيئاً إلا أن ينصر الله ، قوله : { وما النصر } يريد للمؤمنين ، وكذلك هي الإدالة للكفار من عند الله .