معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

قوله تعالى : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد } ، أي : وفاء بالعهد الذي عاهدهم يوم الميثاق ، حين أخرجهم من صلب آدم .

قوله تعالى : { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } ، أي : ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين ، ناقضين للعهد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : ولم نجد لأكثر أهل هذه القرى التي أهلكناها واقتصصنا عليك يا محمد نبأها من عهد ، يقول : من وفاء بما وصيناهم به من توحيد الله ، واتباع رسله ، والعمل بطاعته ، واجتناب معاصيه وهجر عبادة الأوثان والأصنام . والعهد : هو الوصية ، وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته . وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ يقول : وما وجدنا أكثرهم إلا فسقة عن طاعة ربهم ، تاركين عهده ووصيته . وقد بيّنا معنى الفسق قبل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ قال : القرون الماضية .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : وَما وَجَدْنا لاِءَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ . . . الاَية ، قال : القرون الماضية وعهده الذي أخذه من بني آدم في ظهر آدم ولم يفوا به .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أُبيّ بن كعب : وَما وَجَدْنا لاِءَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ قال : في الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم عليه السلام .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وَما وَجَدْنا لاِءَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإنْ وَجَدْنا أكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ وذلك أن الله إنما أهلك القُرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

{ وما وجدنا لأكثرهم } لأكثر الناس ، والآية اعتراض أو لأكثر الأمم المذكورين . { من عهد } من وفاء عهد ، فإن أكثرهم نقضوا ما عهد الله إليهم في الإيمان والتقوى بإنزال الآيات ونصب الحجج ، أو ما عهدوا إليه حين كانوا في ضرر مخافة مثل { لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين } { وإن وجدنا أكثرهم } أي علمناهم . { لفاسقين } من وجدت زيدا ذا الحفاظ لدخول أن المخففة واللام الفارقة ، وذلك لا يسوغ إلا في المبتدأ والخبر والأفعال الداخلة عليهما ، وعند الكوفيين إن للنفي واللام بمعنى إلا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا وَجَدۡنَا لِأَكۡثَرِهِم مِّنۡ عَهۡدٖۖ وَإِن وَجَدۡنَآ أَكۡثَرَهُمۡ لَفَٰسِقِينَ} (102)

وقوله تعالى : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد } الآية ، أخبر تعالى أنه لم يجد لأكثرهم ثبوتاً على العهد الذي أخذه على ذرية آدم وقت استخراجهم من ظهره ، قاله أبو العالية عن أبي بن كعب ، ويحتمل أن يكون الكلام عبارة عن أنهم لم يصرفوا عقولهم في الآيات المنصوبة ولا شكروا نعم الله ولا قادتهم معجزات الأنبياء ، لأن هذه الأمور عهد في رقاب العقلاء كالعهود ينبغي أن يوفى بها ، وأيضاً فمن لدن آدم تقرر العهد الذي هو بمعنى الوصية وبه فسر الحسن هذه الآية فيجيء المعنى : وما وجدنا لأكثرهم التزام عهد وقبول وصاة ، ذكره المهدوي ، و { من } في هذه الآية زائدة ، إلا أنها تعطي استغراق جنس العهد ولا تجيء هذه إلا بعد النفي ، و { إن } هي المخففة من الثقيلة عند سيبويه ، واللام في قوله { لفاسقين } للفرق بين { إن } المخففة وغيرها ، و { إن } عند الفراء هي بمعنى ما واللام بمعنى إلا والتقدير عنده وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين .