معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

قوله تعالى : { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ؟ قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها } . قال ابن عباس : شديد الصفرة ، وقال قتادة : صاف ، وقال الحسن : الصفراء السوداء ، والأول أصح لأنه لا يقال أسود فاقع إنما يقال : أصفر فاقع ، وأسود حالك وأحمر قانئ ، وأخضر ناضر ، وأبيض بقق للمبالغة .

قوله تعالى : { تسر الناظرين } . إليها يعجبهم حسنها وصفاء لونها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

ومع ذلك فقد أبوا إلا تنطعاً ، واستقصاء في السؤال ، فأخذوا يسألون عن لونها بعد أن عرفوا سنها ، فقالوا كما حكى القرآن عنهم :

{ قَالُواْ ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ الناظرين } .

والمعنى : قال بنو إسرائيل لنبيهم ، مشددين على أنفسهم بعد أن عرفوا صفة البقرة من جهة سنها : سل لنا ربك يبين لنا ما لونها ، لكي يسهل علينا الحصول عليها ، فأجابهم بقوله : إنه - تعالى - يقول إن البقرة التي أمرتكم بذبحها صفراء فاقع لونها ، تعجب في هيئتها ومنظرها وحسن شكلها الناظرين إليها . .

قال ابن جرير : " والفقوع في الصفرة نظير النصوع في البياض ، وهو شدته وصفاؤه " .

وقال صاحب الكشاف : " الفقوع أشد ما يكون مع الصفرة ، وأنصعه يقال في التوكيد أصفر فاقع ووارس ، كما يقال : أسود حالك ، . . ثم قال فإن قلت : فهلا قيل : صفراء فاقعة ، وأي فائدة في ذكر اللون ؟ قلت : الفائدة فيه التوكيد ، لأن اللون اسم للهيئة وهي الصفرة ، فكأنه قيل : شديد صفرتها فهو من قولك : جد جده " .

/خ74

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوۡنُهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٞ صَفۡرَآءُ فَاقِعٞ لَّوۡنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ} (69)

قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ( 69 )

و { ما } رفع بالابتداء ، و { لونها } خبره ، وقال ابن زيد وجمهور الناس في قوله { صفراء } ، إنها كانت كلها صفراء ، قال مكي رحمه الله عن بعضهم : حتى القرن والظلف ، وقال الحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير : كانت صفراء القرن والظلف فقط ، وقال الحسن أيضاً : { صفراء } معناه سوداء ، وهذا شاذ لا يستعمل مجازاً إلا في الإبل( {[774]} ) ، وبه فسر قول الأعشى ميمون بن قيس : [ الخفيف ]

تلك خيلي منه وتلك ركابي . . . هنَّ صفرٌ أولادُها كالزبيب( {[775]} )

والفقوع : نعت مختص بالصفرة ، كما خص أحمر بقانىء ، وأسود بحالك ، وأبيض بناصع ، وأخضر بناضر ، و { لونها } فاعل ب { فاقع } .

و { تسر الناظرين } قال وهب بن منبه : كانت كأن شعاع الشمس يخرج من جلدها ، فمعناه تعجب الناظرين ، ولهذا قال ابن عباس وغيره : الصفرة تسر النفس ، وحض ابن عباس على لباس النعال الصفر( {[776]} ) ، حكاه عنه النقاش ، وحكي نهي ابن الزبير ويحيى بن أبي كثير عن لباس النعال السود ، لأنها تهمّ( {[777]} ) ، وقال أبو العالية والسدي : { تسر الناظرين } معناه في سمنها ومنظرها كله .


[774]:- اعلم أن الشاذ في الاصطلاح ثلاثة أقسام- ما شذ في القياس دون الاستعمال، فهذا قوي في نفسه يصح الاستدلال به، والثاني ما شذ في الاستعمال دون القياس، فهذا لا يستدل به، لأنه كالمفروض، والثالث ما شذ فيهما معا، فهذا لا يعول عليه لفقد أصليه. وهذا هو المراد بقول ابن عطية رحمه الله: (شاذ لا يستعمل مجازا) الخ. وقال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن: الصفراء بمعنى السوداء غلط في نعوت البقر، وإنما يقال ذلك في، نعوت الإبل، وإنما كان هذا التفسير شاذا غلطا للتأكيد بالفقوع، وذلك نعت مختص بالصفرة، ولو أريد السواد لما أكده بذلك- وأيضا كيف يصدق على اللون الأسود الذي هو أقبح الألوان أنه (يسر الناظرين)؟
[775]:- الضمير في (منه) يعود على الممدوح وهو أبو الأشعت قيس بن قيس الكندي، والركاب: الإبل والواحدة: راحلة ولا واحد لها من لفظها. وقوله كالزبيب أي سود، ومن ذلك قوله تعالى (جمالت صفر) أي سود- وقوله (هن) أي الركاب. ومن الطريف أن صاحب الكشف قال أن تفسير (صفر) بسود في بيت الأعشى غير ظاهر، إذ الزبيب الغالب عند العرب هو الطائفي، وهو إلى الصفرة أقرب منه إلى الحمرة.
[776]:- وعنه: "من ليس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها"، وذلك قوله تعالى: (تسر الناظرين).
[777]:- يقال: هم الأمر فلانا وأهمه أقلقه وأحزنه.