معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب فقال :{ وما تفرق الذين أوتوا الكتاب } في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، { إلا من بعد ما جاءتهم البينة } أي البيان في كتبهم أنه نبي مرسل . قال المفسرون : لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله ، فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا ، فآمن به بعضهم ، وكفر آخرون . وقال بعض أئمة اللغة : معنى قوله { منفكين } أي : هالكين ، من قولهم : انفك صلاء المرأة عند الولادة ، وهو أن ينفصل فلا يلتئم فتهلك . ومعنى الآية : لم يكونوا هالكين معذبين إلا من بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسول وإنزال الكتاب ، والأول أصح .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

ثم بين - سبحانه - ما كان عليه أهل الكتاب من جحودهم للحق ، ومن إنكارهم له مع علمهم به ، فقال - تعالى - { وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينة } . أى : إن الجاحدين والمعاندين والحاسدين لك - أيها الرسول الكريم - من أهل الكتاب ، ما تفرقوا فى أمره ، وما اختلفوا فى شأن نبوتك . . إلأ من بعد أن جئتهم أنت بما يدل على صدقك ، دلالة لا يجحدها إلا جهول ، ولا ينكرها إلا حسود ، ولا يعرض عنها إلا من طغى وآثر الحياة الدنيا .

فالآية الكريمة كلام مستأنف ، المقصود به تسليته صلى الله عليه وسلم عما أصابه من هؤلاء الجاحدين ، فكأنه - سبحانه - يقول له : لا تحزن - أيها الرسول الكريم - لإِعراض من أعرض عن دعوتك من أهل الكتاب ، فإن إعراضهم لم يكن عن جهل ، وإنما عن عناد وجحود وحسد لك على ما آتاك الله من فضله .

وإنما خص - سبحانه - هنا أهل الكتاب بالذكر ، مع أن الكلام فى أول السورة كان فيهم وفى المشركين ، للدلالة على شناعة حالهم ، وقبح فعالهم ، لأن الإِعراض عن الحق ممن له كتاب ، أشد قبحا ونكرا ، ممن ليس له كتاب وهم المشركون .

والاستثناء فى الآية مفرغ ، والمستثنى منه عموم الأوقات . والمعنى : لم يتفرق الجاحدون من الذين أوتوا الكتاب فى وقت من الأوقات ، إلا فى الوقت الكائن بعد مجيء البينة لهم .

ومن الآيات القرآنية الكثيرة التى وردت فى هذا المعنى قوله - تعالى - { وَمَا تفرقوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم بَغْياً بَيْنَهُمْ }

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

{ وما تفرق الذين أوتوا الكتاب } عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم أو تردد في دينه ، أو عن وعدهم بالإصرار على الكفر { إلا من بعد ما جاءتهم البينة } فيكون كقوله { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } وإفراد أهل الكتاب بعد الجمع بينهم وبين المشركين للدلالة على شناعة حالهم ، وأنهم لما تفرقوا مع علمهم كان غيرهم بذلك أولى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

ثم ذكر تعالى مذمة من لم يؤمن من أهل الكتاب من بني إسرائيل من أنهم لم يتفرقوا في أمر محمد إلا من بعد ما رأوا الآيات الواضحة ، وكانوا من قبل مصفقين{[11929]} على نبوته وصفته ، فلما جاء من العرب حسدوه .


[11929]:أصفقوا على الأمر: اجتمعوا عليه. (اللسان).