معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} (45)

قوله تعالى : { قالا } يعني : موسى وهارون { ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا } قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعجل علينا بالقتل والعقوبة . يقال : فرط عليه فلان إذا عجل بمكروه وفرط منه أمر أي : بدر وسبق { أو أن يطغى } أي : يجاوز الحد في الإساءة إلينا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} (45)

ثم حكى - سبحانه - ما قاله موسى وهارون عندما أمرهما - جل جلاله - بذلك فقال : { قَالاَ رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يطغى }

أى : قال موسى وهارون بعد أن أمرهما ربهما بالذهاب إلى فرعون لتبليغه دعوة الحق : يا ربنا إننا نخاف { أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ } أى يعاجلنا بالعقوبة قبل أن ننتهى من الحديث معه فى الأمر .

يقال : فرط فلان على فلان يفرط إذا عاجله بالعقوبة وأذاه بدون تمهل ، ومنه قولهم : فرس فارط ، أى سابق لغيره من الخيل .

{ أَوْ أَن يطغى } أى يزداد طغيانه ، فيقول فى حقك يا ربنا مالا نريد أن نسمعه ، ويقول فى حقنا ما نحن برءاء منه ، ويفعل معنا ما يؤذينا .

وقد جمع - سبحانه - بين القولين اللذين حكاهما عنهما ، لأن الطغيان اشمل من الإفراط ، إذ الجملة الأولى تدل على الإسراع بالأذى لأول وهلة ، أما الثانية فتشمل الإسراع بالأذى ، وتشمل غيره من ألوان الاعتداء سواء أكان فى الحال أم فى الاستقبال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} (45)

يقول تعالى إخبارًا عن موسى وهارون ، عليهما السلام ، أنهما قالا مستجيرين بالله تعالى شاكيَيْن إليه : { إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى } يعنيان أن يَبْدُر إليهما بعقوبة ، أو يعتدي عليهما فيعاقبهما وهما لا يستحقان منه ذلك .

قال عبد الرحمن بن زيد : { أَنْ يَفْرُطَ } يعجل .

وقال مجاهد : يبسط علينا .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : { أَوْ أَنْ يَطْغَى } : يعتدي .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} (45)

فصلت الجملتان لوقوعهما موقع المحاورة بين موسى مع أخيه وبين الله تعالى على كلا الوجهين اللذين ذكرناهما آنفاً ، أي جمعا أمرهما وعزم موسى وهارون على الذهاب إلى فرعون فناجيا ربّهما { قَالاَ رَبَّنا إنَّنا نَخَافُ أن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أو أن يطغى } ، لأنّ غالب التفكير في العواقب والموانع يكون عند العزم على الفعل ، والأخذِ في التهيُّؤ له ، ولذلك أُعيد أمرهما بقوله تعالى : { فَأْتِيَاهُ } .

و { يَفْرُطَ } معناه يعجّل ويسبق ، يقال : فَرط يفرُط من باب نصر . والفارط : الذي يسبق الواردة إلى الحوض للشرب . والمعنى : نخاف أن يعجّل بعِقابنا بالقتل أو غيره من العقوبات قبل أن نبلُغه ونحجّه .

والطغيان : التظاهر بالتكبر . وتقدم آنفاً عند قوله { اذهب إلى فرعون إنه طغى } [ طه : 24 ] ، أي نخاف أن يُخامره كبره فيعدّ ذكرنا إلهاً دونه تنقيصاً له وطعْناً في دعواه الإلهية فيطغى ، أي يصدر منه ما هو أثر الكبر من التحقير والإهانة . فذكر الطغيان بعد الفَرط إشارة إلى أنّهما لا يطيقان ذلك ، فهو انتقال من الأشدّ إلى الأضعف لأن { نخاف يؤول إلى معنى النفي . وفي النفي يذكر الأضعف بعد الأقوى بعكس الإثبات ما لم يوجد ما يقتضي عكس ذلك .

وحذف متعلّق { يطغى } فيحتمل أن حذفه لدلالة نظيره عليه ، وأوثر بالحذف لرعاية الفواصل . والتقدير : أو أن يطغى علينا . ويحتمل أن متعلّقه ليس نظير المذكور قبله بل هو متعلّق آخر لكون التقسيم التقديري دليلاً عليه ، لأنهما لما ذكر متعلّق { يفرط علينا وكان الفَرْط شاملاً لأنواع العقوبات حتى الإهانة بالشتم لزم أن يكون التقسيم بأو منظوراً فيه إلى حالة أخرى وهي طغيانه على من لا يناله عقابه ، أي أن يطغى على الله بالتنقيص كقوله : { ما علمت لكم من إله غيري } [ القصص : 38 ] وقوله : { لعليّ اطّلِعُ إلى إله موسى } [ القصص : 38 ] ، فحذف متعلق { يطغى حينئذ لتنزيهه عن التصريح به في هذا المقام . والتقدير : أو أن يطغى عليك فيتصلّب في كفره ويعسر صرفه عنه . وفي التحرز من ذلك غيرة على جانب الله تعالى ، وفيه أيضاً تحرز من رسوخ عقيدة الكفر في نفس الطاغي فيصير الرجاء في إيمانه بعد ذلك أضعف منه فيما قبل ، وتلك مفسدة في نظر الدّين . وحصلت مع ذلك رعاية الفاصلة .