جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} (45)

وقوله : " قالا رَبّنا إنّنا نَخافُ أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا " يقول تعالى ذكره : قال موسى وهارون : ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه ، أن يعجل علينا بالعقوبة وهو من قولهم : فرط مني إلى فلان أمر : إذا سبق منه ذلك إليه ، ومنه : فارط القوم ، وهو المتعجل المتقدّم أمامهم إلى الماء أو المنزل كما قال الراجز :

*** قَدْ فَرَط العِلْجُ عَلَيْنا وَعَجِلْ ***

وأما الإفراط : فهو الإسراف والإشطاط والتعدّي . يقال منه : أفرطت في قولك : إذا أسرف فيه وتعدّى . وأما التفريط : فإنه التواني . يقال منه : فرّطت في هذا الأمر حتى فات : إذا توانى فيه . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا " قال : عقوبة منه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " إنّنا نَخافُ أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أوْ أنْ يَطْغَى " قال : نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك ، يفرط ويعجل . وقرأ لا تَخافا إنّني مَعَكُما أسمَعُ وأرَى .