فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَا رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} (45)

{ قالا ربنا إننا نخاف } أسند القول إليهما مع أن القائل حقيقة هو موسى تغليبا للإيذان بأصالته في كل قول وفعل ، أو قاله هرون بعد ملاقاتهما ، فحكى ذلك مع قول موسى عند نزول الآية ؛كما في قوله تعالى : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات } فإن هذا الخطاب قد حكي بصيغة الجمع مع أن كلا من المخاطبين لم يخاطب إلا بطريقة الانفراد ضرورة استحالة اجتماعهم في الوجود ، فكيف باجتماعهم في الخطاب .

{ أن يفرط } فرعون { علينا } بفتح الياء وضم الراء أي يعجل ويبادر بعقوبتنا ، قاله ابن عباس ، يقال فرط منه أمر أي بدر ، ومنه الفارط وهو الذي يتقدم القوم إلى الماء أي يعذبنا عذاب الفارط في الذنب وهو المتقدم فيه ، كذا قال المبرد ، وقال أيضا :فرط منه أمر وأفرط أسرف وفرط ترك وقرئ يفرط بضم الياء وفتح الراء أي يحمله حامل على التسرع إلينا ، وقرأت طائفة من الإفراط أي يشتط في أذيتنا أي فلا يصبر إلى تمام الدعوة وإظهار المعجزة .

{ أو أن يطغى } أي يعتدي قاله ابن عباس وإظهار كلمة { أن } مع استقامة المعنى بدونها لإظهار كمال الاعتناء بالأمر والإشعار بتحقق الخوف من كل منهما