معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

قوله تعالى : { فجعلناهم سلفاً } قرأ حمزة والكسائي سلفا بضم السين واللام ، قال الفراء : هو جمع سليف من سلف بضم اللام يسلف ، أي تقدم ، وقرأ الآخرون بفتح السين واللام على جمع السالف ، مثل : حارس وحرس وخادم وخدم ، وراصد ورصد ، وهما جميعاً الماضون المتقدمون من الأمم ، يقال : سلف يسلف ، إذا تقدم . والسلف من تقدم الآباء ، فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون . { ومثلاً للآخرين } عبرة وعظة لمن بقي بعدهم . وقيل : سلفاً لكفار هذه الأمة إلى النار ومثلاً لمن يجيء بعدهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

و{ سَلَفاً } أى : قدوة لمن بعدهم من الكفر فى استحقساق مثل عقوبتهم . وهو مصدر وصف به على سبيل المبالغة ، ولذا يطلق على القليل والكثيرز يقال : سلفه الشئ سلفا ، إذا تقدم ومضى . وفلان سلف له عمل صالح ، أى : تقدم له عمل صالح ومنه : الأسلاف ، أى : المتقدمون على غيرهم .

{ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً } أى قدوة لمن بعدهم فى الكفر فى استحقاق مثل عقوبتهم كما جعلناهم { مَثَلاً } أى : عبرة وموعظة { لِّلآخِرِينَ } الذين يعملون مثل أعمالهم . .

وبذلك نرى فى هذه الآيات الكريمة ، جانبا من قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون وملئه .

ويتجلى فى هذا الجانب من القصة طغيان فرعون ، واستخافه بعقول قومه ، ومجاهرته بالكذب والفجور . . . فكانت عاقبتهم جميعا الدمار والبوار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

وقوله : { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ } : قال أبو مجلز : { سَلَفًا } لمثل من عمل بعملهم . وقال هو ومجاهد : { ومثلا } أي : عبرة لمن بعدهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

وقرأ جمهور القراء : «سَلَفاً » بفتح السين واللام جمع سالف ، كحارس وحرس . والسلف : هو الفارط من الأمم المتقدم ، أي جعلناهم متقدمين للأمم الكافرة عظة ومثلاً لهم يعتبرون بهم ، أو يقعون فيما وقعوا فيه ، ومن هذه اللفظة قول النبي عليه السلام : «يذهب الصالحون أسلافاً » ، وقوله في ولده إبراهيم : «ندفنه عند سلفنا الصالح عثمان بن مظعون » . وقرأ حميد الأعرج وحمزة والكسائي : «سُلُفاً » بضم السين واللام ، وهي قراءة عبد الله وأصحابه وسعد بن عياض وابن كثير ، وهو جمع : سليف . وذكر الطبري عن القاسم بن معن أنه سمع العرب تقول : مضى سلف من الناس ، بمعنى السلف . وقرأ علي بن أبي طالب وحميد الأعرج أيضاً : «سُلَفاً » بضم السين وفتح اللام ، كأنه جمع سلفة ، بمعنى الأمة والقطعة . والآخرون : هو من يأتي من البشر إلى يوم القيامة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

والسلف بفتح السين وفتح اللام في قراءة الجمهور : جمع سالف مثل : خدم لخادم ، وحَرس لحارس . والسالف الذي يسبق غيره في الوجود أو في عمل أو مكان ، ولما ذكر الانتقام كان المراد بالسلف هنا السالف في الانتقام ، أي أنَّ مَن بعدَهم سيلقَون مثل ما لَقُوا . وقرأ حمزة وحده والكسائي { سُلُفا } بضم السين وضم اللام وهو جمع سَليف اسم للفريق الذي سلف ومضى .

والمَثَل : النظير والمشابه ، يقال : مَثَل بفتحتين كما يقال شَبَه ، أي مماثل . قال أبو علي الفارسي : المثل واحد يراد به الجمع . وأطلق المثل على لازمه على سبيل الكَناية ، أي جعلناهم عبرة للآخرين يعلمون أنهم إن عملوا مثل عملهم أصابهم مثلُ ما أصابهم . ويجوز أن يكون المثل هنا بمعنى الحديث العجيب الشأن الذي يسير بين النّاس مسيرَ الأمثاللِ ، أي جعلناهم للآخرين حديثاً يتحدثون به وَيَعِظُهُمْ به محدّثهم .

ومعنى الآخرين ، النّاس الذين هم آخر مماثل لهم في حين هذا الكلام فتعين أنهم المشركون المكذبون للرّسول صلى الله عليه وسلم فإن هؤلاء هم آخر الأمم المشابهة لقوم فرعون في عبادة الأصنام وتكذيب الرّسول . ومعنى الكلام : فجعلناهم سلَفاً لكم ومثلاً لكم فاتّعظوا بذلك .

ويتعلق { للآخرين } ب { سلفاً ومثلاً } على وجه التنازع .