معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

{ وأرسل عليهم طيراً أبابيل } كثيرة متفرقة ، يتبع بعضها بعضاً . وقيل : أقاطيع كالإبل المؤبلة . قال أبو عبيدة : { أبابيل } جماعات في تفرقة ، يقال : جاء الخيل أبابيل من ها هنا وها هنا . قال الفراء : لا واحد لها من لفظها . وقيل : واحدها إبالة . وقال الكسائي : إني كنت أسمع النحويين يقولون : واحدها أبول ، مثل عجول وعجاجيل . وقيل : واحدها من لفظها إبيل . قال ابن عباس : كانت طيراً لها خراطيم كخراطيم الطير ، وأكف كأكف الكلاب . وقال عكرمة : لها رؤوس كرؤوس السباع . قال الربيع : لها أنياب كأنياب السباع . وقال سعيد بن جبير : طير خضر لها مناقير صفر . وقال قتادة : طير سود جاءت من قبل البحر فوجاً ، مع كل طائر ثلاثة أحجار : حجران في رجليه ، وحجر في منقاره ، لا تصيب شيئاً إلا هشمته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

ثم بين - سبحانه - مظاهر إبطاله لكيدهم فقال : { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } .

والطير : اسم جمع لكل ما من شأنه أن يطير فى الهواء ، وتنكيره للتنويع والتهويل ، والأبابيل : اسم جمع لا واحد له من لفظه ، وقيل : هو جمع إِبَّالة ، وهى حزمة الحطب الكبيرة ، شبهت بها الجماعة من الطير فى تضامنها وتلاصقها .

أى : لقد جعل الله - تعالى - كيد هؤلاء المعتدين فى تضييع وتخسير . . بأن أرسل إليهم جماعات عظيمة من الطير ، أتتهم من كل جانب فى تتابع ، فكانت سببا فى إهلاكهم والقضاء عليهم . { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } ، وجملة : { ترميهم بحجارة من سجيل } بيان لما فعلته تلك الطيور بإذن الله - تعالى - ، وهى حال من قوله { طيرا } ، والسجيل : الطين اليابس المتحجر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

قال ابن هشام : الأبابيل الجماعات ، ولم تتكلم العرب بواحدة . قال : وأما السجيل ، فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب . قال : وذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية ، جعلتهما العرب كلمة واحدة ، وإنما هو سنج وجل ، يعني بالسنج : الحجر ، والجل : الطين . يقول : الحجارة من هذين الجنسين : الحجر والطين .

قال : والعصفُ : ورقُ الزرع الذي لم يُقضب ، واحدته عصفة . انتهى ما ذكره{[30537]} .

وقد قال حماد بن سلمة : عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله - وأبو سلمة بن عبد الرحمن - : { طَيْرًا أَبَابِيلَ } قال : الفرق{[30538]} .

وقال ابن عباس ، والضحاك : أبابيل يتبع بعضها بعضًا . وقال الحسن البصري ، وقتادة : الأبابيل : الكثيرة . وقال مجاهد : أبابيل : شتى متتابعة مجتمعة . وقال ابن زيد : الأبابيل : المختلفة ، تأتي من هاهنا ، ومن هاهنا ، أتتهم من كل مكان .

وقال الكسائي : سمعت [ النحويين يقولون : أبول مثل العجول . قال : وقد سمعت ]{[30539]} بعض النحويين يقول : واحد الأبابيل : إبيل .

وقال ابن جرير : [ حدثنا ابن المثنى ]{[30540]} حدثني عبد الأعلى ، حدثني داود ، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ؛ أنه قال في قوله : { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ } هي : الأقاطيع ، كالإبل المؤبلة .

وحدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس : { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ } قال : لها خراطيم كخراطيم الطير ، وأكف كأكف الكلاب .

وحدثنا يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين عن عكرمة في قوله : { طَيْرًا أَبَابِيلَ } قال : كانت طيرًا خضرا خرجت من البحر ، لها رءوس كرءوس السباع .

وحدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن عبيد بن عمير : { طَيْرًا أَبَابِيلَ } قال : هي طير{[30541]} سود بحرية ، في منقارها{[30542]} وأظافيرها الحجارة .

وهذه أسانيد صحيحة .

وقال سعيد بن جبير : كانت طيرًا خضرا لها مناقير صفر ، تختلف عليهم .

وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وعطاء : كانت الطير الأبابيل مثل التي يقال لها عنقاء مُغْرب . رواه عنهم ابن أبي حاتم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن عبيد بن عمير ، قال : لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل ، بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر ، أمثال الخطاطيف . كل طير منها تحمل ثلاثة أحجار مجزعة : حجرين في رجليه ، وحجرا في منقاره . قال : فجاءت حتى صفت على رءوسهم ، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها ، فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره ، ولا يقع على شيء من جسده إلا وخرج من الجانب الآخر . وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة ، فأهلكوا جميعا .

وقال السُّدِّي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : { حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ } قال : طين في حجارة : " سنك - وكل " وقد قدمنا بيان ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا .

وقوله : { فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ } قال سعيد بن جبير : يعني التبن الذي تسميه العامة : هبور . وفي رواية عن سعيد : ورق الحنطة . وعنه أيضا : العصف : التبن . والمأكول : القصيل يجز للدواب . وكذلك قال الحسن البصري .

وعن ابن عباس : العصف : القشرة التي على الحبة ، كالغلاف على الحنطة .

وقال ابن زيد : العصف : ورق الزرع ، وورق البقل ، إذا أكلته البهائم فراثته ، فصار درينا{[30543]} .

والمعنى : أن الله ، سبحانه وتعالى ، أهلكهم ودمرهم ، وردهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرًا ، وأهلك عامتهم ، ولم يرجع منهم بخير إلا وهو جريح ، كما جرى لملكهم أبرهة ، فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء ، وأخبرهم بها{[30544]} جرى لهم ، ثم مات . فملك بعده ابنه يكسوم ، ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة{[30545]} ثم خرج سيف بن ذي يَزَن الحميري إلى كسرى فاستغاثه{[30546]} على الحبشة ، فأنفذ معه من جيوشه فقاتلوا معه ، فرد الله إليهم ملكهم ، وما كان في آبائهم من الملك ، وجاءته وفود العرب للتهنئة .

وقد قال محمد بن إسحاق : حدثنا عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، عن عائشة قالت : لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مُقْعَدَين ، يستطعمان{[30547]} ورواه الواقدي ، عن عائشة مثله . ورواه أيضا عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت : كانا مقعدين يستطعمان الناس ، عند إساف ونائلة ، حيث يذبح المشركون ذبائحهم .

قلت : كان اسم قائد الفيل : أنيسا .

وقد ذكر الحافظ أبو نعيم في كتاب " دلائل النبوة " من طريق ابن وهب ، عن ابن لَهِيعة ، عن عقيل بن خالد ، عن عثمان بن المغيرة قصة أصحاب الفيل ، ولم يذكر أن أبرهة قدم من اليمن ، وإنما بعث على الجيش رجلا يقال له : شمر بن مفصود ، وكان الجيش عشرين ألفًا ، وذكر أن الطير طرقتهم ليلا فأصبحوا صرعى .

وهذا السياق غريب جدًا ، وإن كان أبو نعيم قد قواه ورجحه على غيره . والصحيح أن أبرهة الأشرم الحبشي قدم مكة كما دل على ذلك السياقات والأشعار . وهكذا روى ابن لَهِيعة ، عن الأسود ، عن عُرْوَة : أن أبرهة بعث الأسود بن مفصود على كتيبة معهم الفيل ، ولم يذكر قدوم أبرهة نفسه ، والصحيح قدومه ، ولعل ابن مقصود كان على مقدمة الجيش ، والله أعلم .

ثم ذكر ابن إسحاق شيئًا من أشعار العرب ، فيما كان من قصة أصحاب الفيل ، فمن ذلك شعر عبد الله بن الزبعرى :

تَنَكَّلُوا عن بطن مَكَّةَ إنها *** كانتْ قديمًا لا يُرَام حَريمها

لم تُخلَق الشِّعرَى ليالي حُرّمتْ *** إذ لا عزيزَ من الأنام يَرُومها

سائل أميرَ الجيش عنها ما رَأى? *** فلسوفَ يُنبي الجاهلين عليمها . . .

ستونَ ألفًا لم يؤوبوا أرَضهم *** بل لم يعش بعد الإياب سقيمها

كانتْ بها عادٌ وجُرْهُم قبلهم *** واللهُ من فوق العباد يُقيمها{[30548]}

وقال أبو قيس{[30549]} بن الأسلت الأنصاري المري :{[30550]}

ومن صُنْعه يوم فيل الحُبُو *** ش ، إذ كل ما بَعَثُوه رَزَمْ

محاجنهم تحت أقرابه *** وقد شَرَموا أنفه فانخرم

وقد جعلوا سوطه مغولا *** إذا يَمَّمُوه قَفَاه كُليم

فَسوَّل{[30551]} أدبر أدراجه *** وقد باء بالظلم من كان ثمَّ

فأرسل من فوقهم حاصبًا *** يَلُفهُم مثْلَ لَف القزُم

تحث على الصَّبر أحبارُهم *** وَقَد ثأجُوا كَثؤاج الغَنَم

وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي ، ويروى لأمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة :

إن آيات رَبِّنا بَاقياتٌ *** مَا يُمَاري فيهنَّ إلا الكفورُ

خُلِقَ الليلُ والنهارُ فَكُلّ *** مستبينٌ حسابُه مَقْدُورُ

ثمَّ يجلو النَّهارَ ربٌ رحيمٌ *** بمهاة شُعَاعها منشورُ

حُبِسَ الفيلُ بالمُغمَّس حَتَّى *** صار يَحْبُو ، كأنه معقورُ

لازمًا حلقُه الجرانَ كما قُطِّر *** من ظَهْر كَبْكَب مَحدُورُ

حَوله من مُلُوك كِندةَ أبطالُ *** ملاويثُ في الحُرُوب صُقُورُ

خَلَّفُوه ثم ابذَعرّوا جَميعًا ، *** كُلَّهم عَظْمُ ساقه مَكْسُورُ

كُلّ دين يَومَ القِيَامة عندَ ال *** له إلا دِينُ الحَنِيفَة بورُ

وقد قدمنا في تفسير " سورة الفتح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أطل يوم الحديبية على الثنية التي تهبط به على قريش ، بركت ناقته ، فزجروها فألحَّت ، فقالوا : خلأت القصواء ، أي : حَرَنت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل " ، ثم قال : " والذي نفسي بيده ، لا يسألوني اليوم خطة يُعَظمون فيها حُرُمات الله ، إلا أجبتهم إليها " . ثم زجرها فقامت . والحديث من أفراد البخاري{[30552]} .

وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة : " إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسَلَّط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب " {[30553]} . آخر تفسير سورة " الفيل " .


[30537]:- (4) السيرة النبوية لابن هشام (1/55).
[30538]:- (5) في أ: "الغرق".
[30539]:- (6) زيادة من تفسير الطبري (30/191).
[30540]:- (7) زيادة من تفسير الطبري (30/191).
[30541]:- (1) في م: "هي طيور".
[30542]:- (2) في أ: "في مناقيرها".
[30543]:- (3) في م: "دوثا".
[30544]:- (4) في م: "بما".
[30545]:- (1) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/61، 62).
[30546]:- (2) في م: "فاستعانه".
[30547]:- (3) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/57).
[30548]:- (4) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (1/58).
[30549]:- (5) في م: "أبو القيس".
[30550]:- (6) في م، أ: "المدني".
[30551]:- (1) في م، أ: "فولى و".
[30552]:- (2) تقدم تخريج هذا الحديث عند تفسير الآية: 26 من سورة الفتح، وهو في صحيح البخاري برقم (2731، 2732).
[30553]:- (3) صحيح البخاري برقم (112) وصحيح مسلم برقم (1355) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

{ وأرسل عليهم طيرا أبابيل } جماعات ، جمع إبالة ، وهي الحزمة الكبيرة ، شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها . وقيل : لا واحد لها ، كعبابيد وشماطيط .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

و «الأبابيل » : جماعات تجيء شيئاً بعد شيء ، قال أبوعبيدة : لا واحد له من لفظه ، وهذا هو الصحيح ، لا ما تكلفه بعض النحاة ، وقال [ معبد بن أبي معبد الخزاعي ] : [ البسيط ]

كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سارت الأرض بالجرد الأبابيل{[11987]}


[11987]:تهد: تضعف وتعجز عن الحركة. والراحلة من الإبل: الصالح للأسفار والأحمال، والجرد: جمع أجرد وهو الذي خلا جسمه من الشعر، أو قصر شعر جسمه، وهي صفة محمودة في الخيل، والأبابيل: جمع لا واحد له من لفظه، والمراد بها الجماعات التي تأتي وراء بعضها. وقيل : بل له مفرد ثم اختلف اللغويون في هذا المفرد – راجع اللسان- ،هذا والبيت في اللسان، والقرطبي، والبحر المحيط. ومعنى "سالت الأرض بالجرد": امتلأت بها حتى صارت كالسيل ينطلق ويتدفق في كل أنحاء الوادي.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

وجملة : { وأرسل عليهم طيراً أبابيل } يجوز أن تجعل معطوفة على جملة { فَعَل ربك بأصحاب الفيل } [ الفيل : 1 ] ، أي وكيف أرسل عليهم طيراً من صفتها كَيْت وكَيْت ، فبعد أن وقع التقرير على ما فَعل الله بهم من تضليل كيدهم عطف عليه تقرير بعلم ما سُلط عليهم من العقاب على كيدهم تذكيراً بما حلّ بهم من نقمة الله تعالى ، لقصدهم تخريب الكعبة ، فذلك من عناية الله ببيته لإظهار توطئته لبعثة رسوله صلى الله عليه وسلم بدينه في ذلك البلد ، إجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام ، فكما كان إرسال الطير عليهم من أسباب تضليل كيدهم ، كان فيه جزاء لهم ، ليعلموا أن الله مانع بيته ، وتكون جملة : { ألم يجعل كيدهم في تضليل } معترضة بين الجملتين المتعاطفتين .

ويجوز أن تجعل { وأرسل عليهم } عطفاً على جملة { ألم يجعل كيدهم في تضليل } فيكون داخلاً في حيز التقرير الثاني بأن الله جعل كيدهم في تضليل ، وخص ذلك بالذكر لجمعه بين كونه مبطلاً لكيدهم وكونه عقوبة لهم ، ومَجيئهُ بلفظ الماضي باعتبار أن المضارع في قوله : { ألم يجعل كيدهم في تضليل } قُلب زمانه إلى المضي لدخول حرف { لم } كما تقدم في قوله تعالى : { ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى } في سورة الضحى ( 6 ، 7 ) ، فكأنه قيل : أليس جعَل كيدهم في تضليل .

والطير : اسم جمع طائر ، وهو الحيوان الذي يرتفع في الجو بعمل جناحيه . وتنكيره للنوعية لأنه نوع لم يكن معروفاً عند العرب . وقد اختلف القصّاصون في صفته اختلافاً خيالياً . والصحيح ما رُوي عن عائشة : أنها أشبه شيء بالخطاطيف ، وعن غيرها أنها تشبه الوطواط .

و{ أبابيل } : جماعات . قال الفراء وأبو عبيدة : أبابيل اسم جمع لا واحد له من لفظه مثل عباديد وشماطيط وتبعهما الجوهري ، وقال الرُّؤَاسي والزمخشري : واحد أبابيل إبَّالة مشددة الموحدة مكسورة الهمزة . ومنه قولهم في المثل : « ضِغث على إبّالة » وهي الحزمة الكبيرة من الحطب . وعليه فوصف الطير بأبابيل على وجه التشبيه البليغ .