قوله : { وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ } .
قال النحاة : «أبابيل » نعت ل «طير » ؛ لأنه اسم جمع .
وأبابيل : قيل : لا واحد له ، كأساطير وعناديد .
وقيل : واحده : «إبَّول » ك «عِجَّول » .
وقيل : «إبَّال » ، وقيل : «إبِّيل » مثل سكين .
وحكى الرقاشيّ : «أبابيل » جمع «إبَّالة » بالتشديد .
وحكى الفرَّاء : «إبالة » مخففة .
الأبابيل : الجماعات شيئاً بعد شيء ؛ قال : [ الطويل ]
5309- طَريقٌ وجبَّارٌ رِوَاءٌ أصُولهُ *** عَليْهِ أبَابيلٌ من الطَّيْرِ تَنعَبُ{[60861]}
5310- كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأصواتِ رَاحِلَتِي*** إذْ سَالتِ الأرضُ بالجُرْدِ الأبابيلِ{[60862]}
قال أبو عبيدة : أبابيل : جماعات في تفرقة ، يقال : جاءت الطير أبابيل من هاهنا ، وهاهنا .
قال سعيد بن جبير : كانت طيراً من السَّماء لم ير مثلها{[60863]} .
وروى الضحاك عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنَّهَا طَيْرٌ بَينَ السَّماءِ والأرضِ تُعَشِّشُ وتُفرِّخُ » .
وعن ابن عباس - رضي الله عنه - كان لها خراطيم كخراطيم الفيلة ، وأكفّ كأكفّ الكلاب{[60864]} .
وقال عكرمة : كانت طيراً خضراً خرجت من البحر ، لها رُءُوس كرءوس السِّباع ، ولم تر قبل ذلك ، ولا بعده{[60865]} .
وقالت عائشة - رضي الله عنها - : هي أشبه شيء بالخطاطيف{[60866]} .
[ وقيل : إنها أشبه بالوطاويط ] .
وقيل : إنها العنقاء التي يضرب بها الأمثال .
قال النحاس : وهذه الأقوال متفقة المعنى ، وحقيقة المعنى : أنها جماعات عظام ، يقال : فلان يؤبل على فلان ، أي : يعظم عليه ويكثر ، وهو مشتقّ من الإبل .
قال ابن الخطيب{[60867]} : هذه الآية ردّ على الملحدين جدًّا ؛ لأنهم ذكروا في الزَّلازل ، والرياح ، والصواعق ، والخسف ، وسائر الأشياء التي عذب الله - تعالى - بها الأمم أعذاراً ضعيفة ، أما هذه الواقعة ، فلا يجري فيها تلك الأعذار ، وليس في شيء من الطَّبائع والحيل أن يعهد طير معها حجارة ، فيقصد قوماً دون قوم فيقتلهم ، ولا يمكن أن يقال : إنه كسائر الأحاديث الضعيفة ؛ لأنه لم يكن بين عام الفيل ، ومبعث الرسول إلا نيفاً وأربعين سنة ، ويوم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، كان قد بقي جمع شاهدوا تلك الواقعة ، فلا يجري فيها تلك الأعذار ، ولو كان النقل ضعيفاً لكذبوه ، فعلمنا أنه لا سبيل للطَّعن فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.