فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِمۡ طَيۡرًا أَبَابِيلَ} (3)

{ وأرسل عليهم } عطف على { ألم يجعل } ؛ لأن الاستفهام فيه للتقرير ، فكان المعنى قد جعل ذلك وأرسل { طيرا } هو اسم جنس يذكر ويؤنث { أبابيل } نعت لطير ؛ لأنه اسم جمع ، أي أقاطيع يتبع بعضها بعضا ، كالإبل المؤبلة ، فرجعوا هاربين يتساقطون بكل طريق . وكان هلاكهم قرب عرفة قبل دخول الحرم على الأصح .

وقال جماعة : بوادي محسر بين مزدلفة ومنى ، قاله ابن حجر ، قال أبو عبيدة : أبابيل جماعات في تفرقة ، يقال : جاءت الخيل أبابيل : أي جماعات من ههنا وههنا ، قال النحاس : وحقيقته أنها جماعات عظام ، يقال : فلان يؤبل على فلان ، أي يعظم عليه ويكبره ، وهو مشتق من الإبل ، وهو من الجمع الذي لا واحد له ، وقال بعضهم : واحده إبول -بكسر الهمزة- مثل عجول ، وقال بعضهم : إبيل كسكين .

قال الواحدي : ولم نر أحدا يجعل لها واحدا ، قال الفراء : لا واحد له من لفظه ، وزعم الرؤاسي -وكان ثقة- أنه سمع في واحدها إبالة مشددا ، وحكى الفراء : أيضا إبالة بالتخفيف .

قال سعيد بن جبير : كانت طيرا من السماء لم ير قبلها ولا بعدها . قال قتادة : هي طير سود جاءت من قبل البحر فوجا فوجا ، مع كل طائر ثلاثة أحجار : حجران في رجليه ، وحجر في منقاره ، لا يصيب شيئا إلا هشمه ، وقيل : كانت طيرا خضرا خرجت من البحر ، لها رؤوس كرؤوس السباع .

وقيل : كان لها خراطيم كخراطيم الطير ، وأكف كأكف الكلاب ، وقيل : إنها العنقاء المغرب التي تضرب به الأمثال ، وقيل في صفتها غير ذلك ، والعرب تستعمل الأبابيل في الطير وفي غير الطير .

ولما تم هلاكهم رجعت الطير من حيث جاءت .