قوله عز وجل : { ولقد صرفنا في هذا القرآن } يعني : ما ذكر من العبر ، والحكم ، والأمثال ، والأحكام ، والحجج ، والإعلام ، والتشديد للتكثير والتكرير ، { ليذكروا } أي : ليتذكروا ويتعظوا ، وقرأ حمزة و الكسائي بإسكان الذال وضم الكاف وكذلك في الفرقان . { وما يزيدهم } ، تصريفنا وتذكرينا ، { إلا نفوراً } ، ذهاباً وتباعداً عن الحق .
ثم بين - سبحانه - أن هذا القرآن الذى أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قد اشتمل على ألوان متعددة من الهدايات والآداب والأحكام ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا القرآن لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } .
وقوله - تعالى - : { صرفنا } من التصريف وهو فى الأصل صرف الشئ من حالة إلى أخرى ، ومن جهة إلى أخرى .
والمراد به هنا : بينا ، وكررنا ، ومفعوله محذوف للعلم به .
والمعنى : ولقد بينا وكررنا فى هذا القرآن أنواعا من الوعد والوعيد ، والقصص ، والأمثال ، والمواعظ والأخبار ، والآداب والتشريعات ، ليتذكر هؤلاء الضالون ويتعظوا ويعتبروا ، ويوقنوا بأنه من عند الله - تعالى - فيهديهم ذلك إلى اتباع الحق ، والسير فى الطريق القويم .
وقوله - تعالى - : { وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } تصوير بديع لإِصرارهم على كفرهم وعنادهم ، وإيثارهم الغى على الرشد .
والنفور : التباعد والإِعراض عن الشئ . يقال : نفرت الدابة تنفر - بكسر الفاء وضمها - نفورا ، إذا جزعت وتباعدت وشردت .
أى : وما يزيدهم هذا البيان والتكرار الذى اشتمل عليه القرآن الكريم ، إلا تباعدا عن الحق ، وإعراضا عنه ، وعكوفا على باطلهم ، بسبب جحودهم وعنادهم وحسدهم للرسول صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله .
وكان بعض الصالحين إذا قرأ هذه الآية قال : زادنى لك خضوعا ، ما زاد أعداءك نفورا .
يقول تعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا{[17519]} فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا{[17520]} } أي : صرفنا فيه من الوعيد لعلهم يذكرون ما فيه من الحجج والبينات والمواعظ ، فينزجروا{[17521]} عما هم فيه من الشرك والظلم والإفك ، { وَمَا يَزِيدُهُمْ } أي : الظالمين منهم { إِلا نُفُورًا } أي : عن الحق ، وبعدًا منه .
{ ولقد صرّفنا } كررنا هذا المعنى بوجوه من التقرير . { في هذا القرآن } في مواضع منه ، ويجوز أن يراد بهذا القرآن إبطال إضافة البنات إليه على تقدير : ولقد صرفنا هذا القول في هذا المعنى أو أوقعنا التصريف فيه ، وقرئ { صرَفنا } بالتخفيف . { ليذّكّروا } ليتذكروا وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي الفرقان { ليذكُروا } من الذكر الذي هو بمعنى التذكر . { وما يزيدهم إلا نفورا } عن الحق وقلة طمأنينة إليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.