إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } هذا المعنى وكررناه { في هذا القرآن } على وجوه من التصريف في مواضعَ منه ، وإنما ترك الضميرُ تعويلاً على الظهور ، وقرئ بالتخفيف { لّيَذْكُرُواْ } ما فيه ويقفوا على بطلان ما يقولونه ، والالتفاتُ إلى الغَيبة للإيذان باقتضاء الحالِ أن يُعرَض عنهم ويحكى للسامعين هَناتُهم . وقرئ بالتخفيف من الذكر بمعنى التذكر ، ويجوز أن يراد بهذا القرآنِ ما نطق ببُطلان مقالتِهم المذكورةِ من الآيات الكريمةِ الواردةِ على أساليب مختلفةٍ ، ومعنى التصريفِ فيه جعلُه مكاناً له أي أوقعنا فيه التصريفَ كقوله : [ الطويل ]

[ وإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها *** إلى الضيف ] يجرح في عراقيبها نَصْلي{[504]}

وقد جُوّز أن يراد به إبطالُ إضافتهم إليه تعالى البناتِ ، وأنت تعلم أن إبطالَها من آثار القرآن ونتائجها { وَمَا يَزِيدُهُمْ } أي والحال أنه ما يزيدهم ذلك التصريفُ البالغ { إِلاَّ نُفُورًا } عن الحق وإعراضاً عنه فضلاً عن التذكر المؤدِّي إلى معرفة بُطلانِ ما هم عليه من القبائح .


[504]:البيت لذي الرمة في ديوانه ص 156؛ وأساس البلاغة (عذر)؛ وخزانة الأدب 2/128؛ وشرح المفصل 2/39؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/251؛ ومغني اللبيب 2/521.