فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا القرآن } أي : بينا ضروب القول فيه من الأمثال وغيرها ، أو كررنا فيه ؛ وقيل . «في » زائدة ، والتقدير ولقد صرفنا هذا القرآن . والتصريف في الأصل : صرف الشيء من جهة إلى جهة ؛ وقيل : معنى التصريف : المغايرة ، أي : غايرنا بين المواعظ ليتذكروا ويعتبروا ، وقراءة الجمهور { صرّفنا } بالتشديد ، وقرأ الحسن بالتخفيف ، ثم علل تعالى ذلك فقال : { ليَذْكُرُوا } أي : ليتعظوا ويتدبروا بعقولهم ويتفكروا فيه حتى يقفوا على بطلان ما يقولونه . قرأ يحيى بن وثاب ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي ( ليذكروا ) مخففاً ، والباقون بالتشديد ، واختارها أبو عبيد لما تفيده من معنى التكثير ، وجملة { وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا } في محل نصب على الحال ، أي : والحال أن هذا التصريف والتذكير ما يزيدهم إلاّ تباعداً عن الحق وغفلة عن النظر في الصواب ، لأنهم قد اعتقدوا في القرآن أنه حيلة وسحر وكهانة وشعر ، وهم لا ينزعون عن هذه الغواية ولا وازع لهم يزعهم إلى الهداية .

/خ41