السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمۡ إِلَّا نُفُورٗا} (41)

ولما كان في هذا من البيان ما لا يخفى على إنسان ولم يرجعوا أشار إلى أنّ لهم مثل هذا الإعراض عن أمثال هذا البيان فقال تعالى : { ولقد صرّفنا } أي : بينا بياناً عظيماً بأنواع طرق البيان من العبر والحكم والأمثال والأحكام والحجج والإعلام في قوالب الوعد والوعيد والأمر والنهي والمحكم والمتشابه إلى غير ذلك { في هذا القرآن } أي : في مواضع منه من الأمثال كما قال تعالى : { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل } [ الروم ، 58 ] قيل لفظة في زائدة كما في قوله تعالى : { وأصلح لي في ذريتي } [ الأحقاف ، 15 ] . ورد بأنّ في لا تزاد وما ذكر متأوّل كما يأتي إن شاء الله تعالى في الأحقاف والتصريف لغة صرف الشيء من جهة إلى أخرى ثم صار كناية عن التبيين قاله أبو حيان . وقوله تعالى : { ليذكروا } متعلق بصرفنا وقرأ حمزة والكسائي بسكون الذال ورفع الكاف من غير تشديد من الذكر الذي هو بمعنى التذكر والباقون بفتح الذال والكاف مع تشديدهما . { وما يزيدهم } أي : التصريف { إلا نفوراً } أي : تباعداً عن الحق وقلة طمأنينة إليه ، وعن سفيان كان إذا قرأها قال : زادني ذلك لك خضوعاً ما زاد أعداءك نفوراً .